للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة ألقى لكل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا عليه الموعد للمجلس. فحضروا وحضر جماعة من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم ومن البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث فقال البخاري: "لا أعرفه"، فما زال يلقى عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ والبخارى يقول: "لا أعرفه"، وكان العلماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: "فهم الرجل"، ومن كان لم يدر القصة يقضى على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الحفظ، ثم انتدب رجل من العشرة أيضًا فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال: "لا أعرفه" فسأله عن آخر، فقال "لا أعرفه"، فلم يزل يلقى عليه واحدا واحدا حتى فرغ من عشرته والبخارى يقول: "لا أعرفه"، ثم انتدب الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من إلقاء تلك الأحادث المقلوبة والبخارى لا يزيدهم على: "لا أعرفه". فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول فقال: "أما حديثك الأول فقلت كذا وصوابه كذا، وحديثك الثاني كذا وصوابه كذا"، والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك. فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.

وهنا يقول الحافظ: "هنا يخضع للبخارى، فما العجب من رده الخطأ إلى الصواب، فإنه كان حافظا، بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة".

[كتابه "الجامع الصحيح"]

أما كتابه الجامع الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله. وقد رتبه على أبواب الفقه فكان عدة كتبه سبعا وتسعين احتوت على قسم العبادات وقسم المعاملات وسيرة الرسول عليه الساوم مع مغازيه ومعجزاته وما ورد من المأثور في تفسير آى الذكر الحكيم وغير ذلك من