قضت غزوة هولاكو المغولية على الحكم الأيوبى في دمشق بعد منتصف القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادى). وفتحت المدينة، وقد خلت من الجند، أبوابها للغزاة في ربيع الأول عام ٦٥٨ هـ (مارس ١٢٦٠ م) ولم يلق هؤلاء إلا مقاومة في قلعة دمشق لم تُسفر عن شئ. ثم أصبح مماليك مصر بانتصارهم في عين جالوت سادة الشام. وفر المغول، ولقى النصارى الجزاء الوفاق على حسن استقبالهم للمغول بهدم كنيسة مريم المشهورة (انظر أبو شامة. Rec. Hist. Crois, Or جـ ٥، ص ١٩٤).
وأصبحت دمشق في العهد التالى قصبة أهم ولايات المماليك في الشَّام، ألا وهي مملكة دمشق، التي كانت تضم في الواقع سورية الجنوبية بأسرها، من حدود مصر جنوبا إلى بيروت وحمص وتدمر والرحبة على الفرات شمالا (ثم انتقلت القصبة إلى حلب فيما بعد) مع استثناء دويلات الكرك وصفد (ومع استثناء غزة وحمص أَيضا اللتين ظلتا فترة من الزمن بعيدتين عن قبضة المماليك).
وقد عادت مدينة دمشق إلى سابق ازدهارها في عهد الظاهر بيبرس منشئ دولة المماليك العظيم. وكان هذا السلطان الذي لم تكن تفتر له عزيمة، كثيرا ما يعقد ديوانه في مدينة دمشق.
ولم يكتف بيبرس بإعادة بناء أسوار المدينة المتخربة والقلعة فحسب، بل شيد لنفسه أَيضًا قصرًا جديدًا في الميدان الأخضر على نهر بردى، وهو القصر الأبلق المشهور. ويقال إن السلطان الناصر قلاوون اتخذه مثالا شيد على صورته القصر المعروف بالاسم نفسه في القاهرة في موضع التكية الحديثة (انظر Quatremere في ترجمته لكتاب السلوك للمقريزي، جـ ١، القسم الثاني، ص ٤٤، المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة، جـ ٧، ص ٣٥٣؛ ابن شاكر: فوات الوفيات، جـ ١، ص ١٠٩) وتوفي السلطان بيبرس في مدينة دمشق عام ٦٧٦ هـ (١٢٧٧ م) ودفن بالمدرسة الظاهرية التي أمر ابنه السلطان السعيد