(الآيات ٢٩ - ٣٥) وهلم جرّا. وتعتمد جميع نظم التاريخ، الإسلامية وغير الإسلامية، على هذه الإشارات التاريخية فى السياقات المدنية، وتعتبرها نقطة انطلاقها.
[(ب) التواريخ التقليدية التى وضعها المسلمون]
فى القرون الأولى للهجرة ارتبطت بعض آيات القرآن بالروايات التى ترددت فى غضون محاولات كتابة سيرة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- خصوصًا فى الفترة المكية السابقة للهجرة. مثل الآيات ١ - ١٨ من سورة النجم، والآيات ١٥ - ٢٩ من سورة عبس، والتى فسرها المفسرون بأنها "رؤى الدعوة" المحمدية، كما فسروا سورة الشرح بما روى عن معجزة شق الصدر وتطهير القلب، وسورة العلق بدعوة النبى إلى الإفصاح عن نبوته، وسورة الإسراء (الآية الأولى) بالإسراء به -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى بيت المقدس وما إلى ذلك بسبيل (والمرجع فى هذا هو الطبرى والزمخشرى، وفى الدراسات الأوربية كتاب التفسير الذى وصفه باريت Paret). وارتبطت آيات أخرى بأحداث معينة فى حياة المجتمع الإسلامى، إذ قيل إن سورة مريم قد تليت على النجاشى ملك الحبشة، وأن الذى تلاها أتباع محمد الذين اضطروا إلى الهجرة من مكة فرارًا من الاضطهاد فى عام ٦١٥، وروى أن نسخة مكتوبة من سورة طه قد ساعدت على هداية عمر بن الخطاب إلى الإسلام فى نحو ذلك الوقت. وحاول علماء القرآن الأوائل تحديد وشرح الإشارات الغامضة فى القرآن، فقالوا إن الرجل الأعمى المشار إليه فى سورة عبس شخص اسمه عبد اللَّه بن أم مكتوم، وأن الرجل المشار إليه فى قضية الطلاق فى سورة المجادلة هو أوس بن الصامت. وعلى نفس المنوال فسر المفسرون الأحداث المشار إليها فى سورة التوبة، فى الآية ٤٠، وسورة النور، الآيات ١١ - ٢٠, وسورة القصص، الآيات ٣٧ - ٤٠, وسورة التغابن، الآيات ٣ - ٥، وسورة المسد، فى الآيات من ١ - ٥، وكثير غيرها. وعلى أسس هذه الروايات والشروح نشأ نوع منفصل من الدراسات الإسلامية يسمى "أسباب النزول"، وأهم نموذج له هو الكتاب الذى ألفه الواحدى ويحمل العنوان