للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس يمارس التأمل والتدريبات الروحية وفى تلك الفترة أيضا وضع أهم مؤلفاته وهو إحياء علوم الدين ثم سلك بعدئذ سلك الصوفية ورأى أن التصوف هو الطريق الأسمى للإنسان. وتوفى فى جمادى الآخرة - ديسمبر عام ٥٠٥ هـ/ ١١١١ م.

[أعماله واتجاهاته الفكرية]

أ - يواجه الباحث فى فكر الغزالى صعوبة بالغة. إذ على الرغم من كثرة ما ترك من مؤلفات إلا أنه مما لا شك فيه أن كثيرا من الكتب مدسوسة عليه. فهناك قائمة تحوى ٤٠٤ عنوانا بعضها لا توجد له نسخ بين أيدينا، وبعضها الآخر ظهر بعناوين عدة. ومعظم الأعمال المنحولة والمنسوبة له تحمل نظرات صوفية أو فلسفية متقدمة تختلف عن الأفكار التى نعهدها فى كتبه المسلّم بصحتها. وصعوبة أخرى تواجه دارس الغزالى تتمثل فى ثراء فكره، وقد نبه ابن طفيل فى "حى بن يقظان" إلى وجود تناقضات فى كتاباته، كما نبه أيضا إلى أنه يكتب على مستويين أحدهما موجه إلى العامة والآخر إلى الخاصة، أى أن له نظرات باطنة لا يفصح عنها لكل عابر غير أنه ليس هناك ما يبرر الاعتقاد بوجود تناقضات فى كتاباته استنادا إلى وجود مستويين فى الكتابة كل منهما موجه إلى جمهور مختلف. كما أنه من المستبعد افتراض أن الغزالى اتخذ وجهة نظر صوفية ذات صبغة فلسفية فى أواخر حياته لأن كتاب "إلجام العوام" -وهو كتاب أنجزه قبل وفاته بعدة أيام- ينطوى على أفكار شبيهة بتلك التى وردت فى كتاب "الإحياء"، لذلك فإن أسلم طريقة لدراسة الغزالى هى التركيز على أعماله الرئيسية.

ب- الجانب الشخصى: قبل وفاة الغزالى بعامين كتب "المنقذ من الضلال" وهو بمثابة وصف لتطور أفكاره الدينية ولكنه لا يعد سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق. فأحداثه غير مرتبة ترتيبا تاريخيا بل هى مجمل عام لحياته. وبه رد على ما واجه كتابه من نقد لأفكاره وتصرفاته. وثمة كتاب صغير يسمى "الإملاء" كتبه للرد على من انتقد كتابه "الإحياء".