الرسوم، والتى كانوا يحصلونها بنظام الالتزام على "النواب". وقد حرم سليمان الأول هذا العمل، كما عدته "العدالة نامه" من صور الفساد القضائى. وكان من أسباب الشكوى من إساءة استغلال السلطة أيضًا فرض القاضى أو نوابه الإقامة الجبرية على الفلاحين خلال الجولات التى كانت تجرى عادة كل ثلاثة أشهر.
وكان "مجلس الشرع"، أو "محكمة الشرع" كما يسمى فى بعض الوثائق، مكونا من علماء يساعدون فى التحقق من توافق حكم القاضى مع الشريعة. وكان مع ذلك من النادر أن يذكر المفتى كعضو فى هذه المجالس، رغم أنه كان من المعتاد اللجوء للمفتين المحليين لإصدار الفتاوى فى أمور معينة. كما تشير وثائق المحاكم إلى لجوء القضاة إلى استدعاء من يسمون "شهود الحال"، وهو نظام إسلامى قديم. وهم أفراد مشهود لهم بالعلم والخبرة، وكانوا يقيدون فى سجلات المحكمة، وكانت مهمتهم تتمثل فى نوع من الرقابة القضائية بالتأكد من صدور الحكم فى حضور أفراد يتسمون بالخبرة والحيدة.
وكانت "المظالم"، وهى القضايا المتعلقة بالأمن العام أو تجاوزت الحكام المحليين ضد الرعية، تنظر بواسطة القضاة المحليين، أو المفتشين، أو المحاكم الديوانية التى ينشئها الوزراء خلال جولاتهم التفتيشية، أو كملجأ نهائى بواسطة الدواوين الهمايونية.
[أثر تدهور الإمبراطورية على المحاكم الشرعية.]
بدأت المحاكم الشرعية تتعرض لنقد حاد منذ أواخر القرن السادس عشر، ومنذ ذلك التاريخ بدأت صفات ووظائف هذه المحاكم فى التغير. فبالإضافة إلى الوظيفة القضائية، كانت تعقد فى المحاكم مجالس يدعو إليها القاضى وتضم الأعيان، ورؤساء الطوائف المهنية، والأئمة كممثلين عن الشعب، لشرح الأوامر السلطانية فيما يتعلق بالرعية عامة. وزادت هذه الاجتماعات بسبب فرض العوائد الديوانية، وذلك لتحديد الأنصبة فى تحمل عبئها. كما كانت تناقش فى هذه