للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان حماد بارعًا فى الوقيعة بين الأصدقاء، وعاجزًا عن احترام صداقاته الشخصية، ومن ثم هاجم هؤلاء بشدة، ولم يسلم من هذا مطيع بن إياس، وكانت لدغاته تلك حافلة فى كثير من الأحوال بالكلمات المقذعة، وقد استغل هذه البراعة فى ممارسة الابتزاز الدنئ، وشغل نفسه بجلب العار على ضحاياه فى لغة تنتقص من قدره هو نفسه. وما من داع يدعو إلى العجب من أن من أتوا بعده منذ نهاية القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادى) لم يجدوا مناصًا من اتهامه بالمانوية، وهي تهمة ليس هو جديرًا بأن تلحق به، فقد كان فيما يبدو عاجزًا عن الشعور بأى إحساس دينى. وترجع زندقته فى حقيقة الأمر إلى شعوره العميق باللامبالاة فى الدين وإباحيته ووقاحته التى كان يشاركه فيها على تفاوت أصحابه المألوفين، ومنهم سميه حَمَّاد الراوية، وسميه عالم النحو حماد بن الزبرقان (وانظر عنه بوجه خاص كتاب الحيوان، جـ ٤، ص ٤٤٥, ٤٤٧؛ الأغانى، الفهرس؛ العسقلانى: لسان الميزان, جـ ٢، ص ٣٤٧). ولا يذكره ابن النديم (الفهرست, ص ٤٧٣) فى عداد الزنادقة؛ وقد تناول فاجدا G. Vajda بشكل حاسم، الاتهامات بالمانوية التى وجهت لأهل المجون الذين أدخل هو فى عدادهم (انظر - Les Zindiqs en Pays d'Is lam فى Rivista degli Studi orientali العدد ١٧، سنة ١٩٣٧, ص ١٧٣ - ٢٢٩).

ولم يبق من قصائد حماد التى كانت وافرة بالتأكيد، سوى أبيات ركيكة بعض الركاكة، معظمها من شعر الهجاء. على أن ثمة بعض القصائد يبدى فيها من الحكمة ما نعجب له منه، وبعض قصائد شهوانية فيها من العذوبة ما يجعلها فيما يبدو خليقة بأن تغنى.

[المصادر]

توجد الملاحظات والأشعار فى:

(١) الجاحظ: البيان والتبيين، والحيوان، الفهرس.

(٢) ابن قتيبة؛ الشعر والشعراء، ص ٧٥٤ - ٧٥٦، والفهرس.

(٣) المؤلف نفسه، عيون الأخبار، الفهرس.