فاضطر عبد الملك بن قطن -رغم قلة من تحت يده من الجند لاستخدام جماعة من العرب "الأجناد" المختلفين من أهل الشام الذين كانوا محاصرين فى قلعة سبتة بالشمال الأفريقى، وأذن لهم بعبور المضيق بقيادة شيخهم "بلج"، ويرجع الفضل فيما أصابه من النجاح فى إبعاده الخطر الذى كان يهدده إلى هذه الطلعة البلجية التى أنزلت ثلاث هزائم متتالية بالبربر المتمردين
غير أن هؤلاء الجند الشاميين لم يجدوا أية صعوبة فى خلع عبد الملك بن قطن اعتمادا منهم على قوتهم، وذلك فى مستهل ذى القعدة ١٢٣ هـ (سبتمبر ٧٤١ م) وولوا مكانه قائدهم "بلج" الذى كان أول قرار اتخذه هو الأمر بقتل سلفه الذى كان (إذ ذاك) رجلا طاعنا فى السن قد بلغ من العمر أرذله.
(١) E. Levi-Provencal: Histoire de l'Espagne musulmane, Leiden-Paris ١٩٥٠ - ١٩٥٣,١,٤١,٤٣ - ٧
د. حسن حبشى [ليفى بروفنسال Levi-Provincal]
[عبد الملك بن محمد بن أبى عامر]
عبد الملك بن محمد بن أبى عامر المعافرى، أبو مروان المظفر بن الحاجب المنصور، وقد خلف أباه فى منصبه زمن الخليفة الأموى الأندلسى هشام المؤيد باللَّه، وكان عبد الملك هو الحاكم الفعلى لأسبانيا الإسلامية بعد موت أبيه فى مدينة سالم سنة ٣٩٢ هـ (= ١٠٠٢ م).
ولد عبد الملك (وهو الابن الثانى للمنصور بن أبى عامر) سنة ٣٦٤ هـ (٩٧٥ م)، وكانت أمه -وهى أم ولد- تدعى "الذلفاء" وقد ظلت على قيد الحياة بعده بضع سنوات، وتمرس عبد الملك بالقيادة حتى قبل وفاة أبيه فقاد كثيرا من الحملات على شمالى أسبانيا ضد النصارى وعلى المغرب، ثم اختاره والده شبه نائب عنه فى المغرب سنة ٣٨٨ هـ (= ٩٨٨ م) فأقام فى فاس، إلا أنه استدعى فى السنة التالية إلى قرطبة فعاد إليها.
ولقد أمدتنا الحوليات الإسبانية التى تم العثور عليها حديثا بتفاصيل جمة عن سيرة عبد الملك بن أبى عامر أيام