للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حرية]

مصدر من حرّ، وهو ضد عبد، وفى العبرية "حور" وفى الآرامية: "حير (حروتا) "ويستعمل أيضًا استعمالا واسعًا فى اللغات الإسلامية غير العربية. ولفظ "حرّ" قد عرف من قبل فى الجاهلية ليس فقط مصطلحًا شرعيًا يدل على ضد العبد بل مصطلحًا أخلاقيًا أيضًا يدل على أولئك النبلاء فى خلقهم وسلوكهم، وظل التصور الشرعى للحرية مستعملا باعتباره أمرًا واقعا على يد الفقهاء المسلمين الذين جنحوا إلى تفضيل افتراض قيام الحرية بالنسبة للأفراد فى الحالات المشكوك فيها ولكنهم فى غير ذلك يسلمون بقيام العبودية والحرمان من الحرية بالنسبة لفريق من الناس دون أن يناقشوا، صراحة على الأقل، الأسس الأخلاقية لذلك. وبالمعنى الأخلاقى يظهر تفوق الحر فى مسلكه النبيل وكرمه واستعداده للشقاء فى سبيل قضية نبيلة، وهذا موضع الثناء فى الشعر والنثر. والكتب التى نقلت من اليونانية إلى العربية عرّفت المسلمين ببعض الأقوال التى تصور تفكير اليونان فى مسألة الحرية، كما أنها فى الوقت نفسه قد ساعدت على تدعيم المساواة بين "الحر" و"النبيل" وأضافت شيئًا من الخلط من عندها باستعمال كلمة "حرية" للدلالة على لفظ "الوثريوتيس" اليونانى بمعنى "الكرم" فى القانون الأخلاقى عند أرسطو .. زد على ذلك أن كتابات الفلاسفة مثل الفارابى وابن رشد اتخذت بعض المدلول المحدد للحرية بمعناها السياسى. وأصبحت الحرية فى النظر الإسلامى الميتافيزيقى تتخذ موقفًا أكثر دلالة من خلال الصوفية. فقد ظهرت معلمًا من معالم الهداية فى السلوك الصوفى بكتاب اللمع للسراج وفى رسالة سلفه القشيرى. وقد اكتسبت على يد "الرسالة" بصفة خاصة مكانًا ثابتا فى كتب الصوفية، وهى اعتراف بالعلاقة الجوهرية بين اللَّه السيد وعبيده من البشر الذين يعتمدون كل الاعتماد عليه، أو هى كما قال ابن عربى "العبودية المطلقة" (الإعلام بإشارات أهل الإلهام، حيدر آباد سنة ١٣٦٢ هـ، ص ٨). على أن المرء يسمع أيضًا بوجود أناس