كبير يماثل ما له من شأن فى الفلسفة الإشراقية. ويصدق هذا على القسم الطويل الذى أفرد للكلام عن الصابئة، ويورد فيه الشهرستانى حوارا يحاج فيه مسلم سنى رجلا من الصابئة ويعارض فكرة إسناد النبوءة إلى عقول الأفلاك، وينكر وجود هذه العقول وينتقد هذا التصور.
ويبدو الشهرستانى لأبناء عصرنا هذا جاهلا بالفلسفة اليونانية، ولكنه كتب مقالا جيدا كل الجودة عن أفلاطون، وقد فهم نظريته فى المثل كما كتب مقالا آخر هاما عن فيثاغورس عرض فيه لنظريته فى العدد ومعانيه الهندسية مدركة على أنها مبادئ للوجود أما مقالته عن أرسطو فمأخوذة من ابن سينا وشرح تيماسطيوس. وأما مقالته المسهبة غاية الإسهاب عن علم الكلام عند العرب فهى فى جوهرها تلخيص كتاب النجاة لابن سينا. ونذكر أخيرا القسم الذى خص به الهند وهو يشتمل على فقرات عجيبة. ونحن نعلم أن كتاب العرب بعامة لا يعرفون إلا النزر اليسير عن الهند، على أننا نجد فى الشهرستانى بعض التعليقات الدقيقة عن عقائد البوذية وعن أتباع بوذا وسلسة البددة وعن بعض شعائر الهندوكية، وكذلك عن عبادة الآلهة كالى، التى يصف صنمها كاليا، وعن الاغتسال فى الأنهار المقدسة، وشعائر الانتحار الدينية وما إلى ذلك، والظاهر أن الشهرستانى بعد فيثاغورس هو الأصل فى التفكير العقلى فى الهند.
[المصادر]
(١) محمد الشهرستانى: كتاب الملل والنحل، طبعة كيرتن، فى مجلدين، لندن ١٨٤٦؛ طبعة أخرى، بولاق ١٢٦١ هـ؛ ترجمة Religionspartheien und philo Sophenschulen: Th Haarbrucker فى مجلدين، هال ١٨٥٠/ ١٨٥١ م.
(٢) ابن خلكان، طبعة ده سلان.
(٣) السمعانى فيما رواه عنه ياقوت: Dictionnaire de la Perse، ترجمة باربييه ده مينار، باريس ١٨٦١، ص ٣٥٩.