جمع عبد الرحمن شانجة بين التفاهة والغرور والخلاعة، وارتكب منذ أول لحظة صارت فيها مقاليد السلطة بيده سلسلة من الأخطاء يتلو بعضها بعضا مما نفر الناس منه وصرفهم عنه، فكان أول أخطائه انتزاعه ولاية العهد لنفسه من هشام الثانى، ولا يزال لدينا نص وثيقة هذا التقليد التاريخى المؤرخ بربيع الأول ٣٩٩ هـ (نوفمبر ١٠٠٨ م). وقد استقبل أهل قرطبة تعيينه أسوأ استقبال، وكان التذمر قد بلغ بهم منتهاه بسبب ميول الحاجب العامرى المؤيدة للبربر. ولقد أخطأ شانجة خطأ جسيما حين خرج فى الشتاء بحملة ضد مملكة ليون فظهر إذ ذاك حلف معارض له من أهالى قرطبة الذين اغتنموا هذه الفرصة فرفعوا إلى العرش الأموى محمد بن هشام بن عبد الجبار الذى كان أول قرار أصدره هو تخريب الزاهرة مقر العامريين، ولم يكن رد شانجة على ذلك العمل ردا حاسما بل اتسم بالفتور اذ اتخذ طريقه إلى قرطبة، غير أن عسكره انفضوا من حوله وهو فى طريق عودته إليها، وألقى القبض عليه وهو على مقربة منها مرتزقة الدعى الأموى الذى قتله يوم الثالث من رجب ٣٩٩ هـ (٣ مارس ١٠٠٩ م).
[المصادر]
(١) Leve-Provincal: Histoire de L'Espagne Musulmane, II, Leiden-Paris ١٩٥٠ - ١٩٥٣, ٢٩١ - ٣٠٤
د. حسن حبشى [ليفى بروفنسال Levi-Provincal]
[عبد الرحمن بن عوف]
كان اسمه فى الأصل عبد عمرو أو عبد الكعبة، وهو من أشهر المسلمين الأوائل من بنى زهرة القرشيين، شارك فى الهجرة إلى الحبشة وقاتل فى بدر وغيرها من الغزوات، وخرج على رأس سرية قوامها سبعمائة رجل إلى دومة الجندل فى شعبان ٦ (ديسمبر ٦٢٧ م) فأسلم على يده الزعيم النصرانى الأصبغ وتزوج عبد الرحمن من ابنته تماضر. وبلغ من الثراء حدا كبيرا بفضل همته ومهارته التجارية، وكان صديقا لأبى بكر الصديق، ولما مات عمر ابن الخطاب كان عبد الرحمن بن عوف واحدا من رجال الشورى الستة الذين عهد إليهم باختيار الخليفة الجديد فلعب