فكان فى ٢٩ يونية عام ١٨٨١ م. وأرسل رسائل إلى كبار القوم يخصهم فيها على الالتفاف حوله، كما أعلن فى برقية أرسلها للحاكم العام أنه مبعوث إلهى.
وعلى الرغم من أن للمهدية -فى الأصل- خصائص عديدة تجعل منها حركة اجتماعية وسياسية معارضة إلا أن هذه الأبعاد كانت مضمرة فى الهدف الأساسى لمؤسسها وهو: الإصلاح الدينى بحيث يشمل هذا الإصلاح: الدين والمجتمع معا. إذ كان يرى -شأنه شأن المصلحين السابقين له- وبصفة خاصة ابن عبد الوهاب- ضرورة استعادة الأمة المسلمة كما كانت فى عهودها الأولى أى محكومة بالقرآن والسنة فهو لا ينظر إلى حركته بوصفها صحوة إسلامية فحسب بل هى صورة مصغرة للحياة فى الأمة الإسلامية فى عهودها الأولى وكذلك نظامها. وقدم نفسه على أنه مُعيّن لدى الخلافة الكبرى وأنه خليفة رسول اللَّه. وقد حاول "العلماء" الرسميون دحض دعاوى المهدية كما جاءت على لسان محمد أحمد إذ أقروا بمذهب السنة التقليدى، وبرهنوا على عدم التزامه بالمعايير التى أرساها الحديث النبوى. ودافع محمد أحمد عن نفسه وغير اسمه إلى محمد بن عبد اللَّه ليؤكد أنه من سلالة النبى كما غير اسم المكان الذى يلتقى فيه بالناس فى كردفان من جبل قدير إلى ماسة".
٤ - " هجرة" المهدى وجهاده (١٨٨١ - ١٨٨٥ م)، لم تكن السلطات فى بادئ الأمر قد قدرت حركة المهدى وما تشكله من تحد حق قدرها، ولكنها أخذت الأمر مأخذ الجد حين أرسلت حملة عسكرية صغيرة لإلقاء القبض عليه فهزمها هزيمة نكراء (أغسطس ١٨٨١ م). وفى نفس الوقت حقق المهدى وأنصاره انسحابا أو "هجرة" إلى جبل قدير وهو من جبال النوبة، وكان المكان من البعد بحيث أصبح تجريد الحملات العسكرية عليه أمرا صعبا فقد جردت حملتان وهزمتا فى ديسمبر ١٨٨١ م ومايو ١٨٨٢ م). ولكنه كان فى نفس الوقت مناسبا لشن هجمات على المواقع الحكومية فى