أحمد: باشا عكا، بسنوى المولد وإن قيل إنه من ودين أونيش. وُلدَ حوالي عام ١١٣٢ هـ (١٧٢٠ م) وخَدم في أول أمره الصدر الأعظم حكيم أوغلى على باشا. وقد اصطحبه على باشا إلى مصر عندما ولى عليها للمرة الثانية، ثم رحل عنها إلى مكة ليؤدي فريضة الحج. ولما عاد من الحج وجد أن على باشا صرف عن ولاية مصر فالتحق بالمماليك. فباع نفسه إلى عبد الله بك أحد مماليك على بك عام ١١٦٨ هـ (١٧٥٥ م). ووكل إليه عندما كان كاشفا لمديرية البحيرة تأديب البدو الذين قتلوا عبد الله بك، فانتقم له بذبح أكثر من سبعين عربيا، فلقب من أجل ذلك بالجزار. واتهم الجزار بالاشتراك في مقتل صالح بك، ففر إلى تركية أوربا متنكرًا في زى رجل جزائرى، ولكنه سرعان ما عاد ثانية ليتزوج من ابنة زعيم بدوى من زعماء البحيرة من قبيلة هنادى. وجعل جزار باشا لنفسه في الشام مركزًا مستقلا، وذلك بمعونة فرقة من الجند كونها من شراء العبيد، ومنح في عام ١١٨١ هـ (١٧٦٧ م) لقب ميرميران، ثم جعل في عام ١١٨٩ هـ (١٧٧٥) بكلربك الروملى. وأقيم في العام نفسه واليا على إيالة صيدا مكافأة له على خدماته التي أداها للباب العالى في مسألة طاهر عمر. واستغل منصبه في تحصين عكا وجعلها مقرًا له. وعين في مناسبات كثيرة واليًا على الشام وأميرًا للحج.
وفي عام ١٢١٣ هـ (١٧٩٩ م) هزمه نابليون بونايرت، فارتد إلى عكا، ودافع عنها بمعاونة الأسطول الأنكليزى بقيادة السير سدنى سميث الذي أمده بالمهندسين والمدفعيين والذخائر. وبدأ حصار عكا في الحادي والعشرين من مارس وانتهى في العشرين من مايو بعد عدة هجمات باءت بالخيبة، وفي الرابع من أبريل قام الجزار باشا من ناحيته بهجوم لم يوفق فيه، وكان قصده تسهيل حركات الجيش التركى. واحتكر الجزار باشا تجارة القمح والقطن، وابتنى بالأموال الوفيرة التي اغتصبها ثلاث عمائر رائعة في عاصمته هي: مسجد وبئر وسوق. وعده الباب العالى من الخارجين عليه، ولكنه نجا من العقاب لقيام حركة الوهابيين، وغدا مرة أخرى واليا على الشام وقائدًا أعلى في