الحضارة الإسلامية، وأما ثانيهم فهو المطهر بن طاهر، الدارس للدين من غير تحزب أو تحيز، والذى ألّف بعض كتبه وهو فى "بست" شرقى فارس. وأما ثالثهم فهو أبو سليمان مجد بن معشر القدسى البستى الذى يقول "أبو سليمان المنطقى" أنه هو مؤلف رسائل إخوان الصفا.
كذلك شاهد القرن التالى (أعنى الخامس الهجرى) اهتمامًا بفروع العلوم والمعرفة الإسلامية، ويمثل هذا العصر أبو الفضل بن طاهر القيسرانى العالم الذى صرف همه لدراسة اللغة العربية والحديث والتصوّف، وقام برحلاته التى غطت مساحات شاسعة مشيًا على قدميه، حاملا كتبه على ظهره حتى استقرَّ به المكان أخيرًا فى "همذان"، واستمر هو فى دعم الرابطة بين القدس وفارس.
كذلك عاش فى القرن ذاته "المشَرَّف بن مُرَجَّا"، وله كتاب عن فضائل القدس (انظر فيما بعد "فضائل القدس فى الإسلام") أما شيخ علماء القدس وشيخ الشافعية فى كل بلاد الشام فهو أبو الفتح بن نصر بن إبراهيم الذى يقول اليافعى فى مرآته (جـ ٣ ص ١٥٢ - ١٥٣) إنه غادر البلد إلى مدينة "صور" وفعل مثله "جاؤن" اليهود (وحاخامهم الأكبر) حوالى سنة ١٠٧١ م، ويطابق ما قاله ما جاء فى كثير من رسائل الجنيزة من أن الأوضاع فى القدس لم يعد فى طوق أحد احتمالها، وكان ذلك قبل زمن طويل من تعطيل الصليبيين لمعالم الحياة الإسلامية واليهودية بالبلد.
[الصليبيون والأيوبيون]
حاصر الصليبيون القدس يوم السادس من يونيو ١٠٩٩ م وأخذوها قسرًا يوم ١٥ يوليو من العام ذاته ودخلوها من ثلاث نقاط مختلفة، ولم يكن سلوك الغزاة المختلفين من فرنسيين وفلمنج وبروفنساليين وبزمان من صقلية سلوكا واحدًا، ومنح "تانكريد" قائد النرمنديين أمانًا لقائد القلعة الفاطمية (أى برج داود) ولرجاله، وجاء فى رسالة من رسائل الجنيزة أن عهد الأمان هذا شمل أيضًا