للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود الذين كانوا فى حاشية القائد الفاطمى، وليس من شك فى أن الأمان كان قاصرًا على من كانوا بالقلعة من المسلمين أيضًا فنجوا هم كذلك من القتل، وتقول نفس رسالة الجنيزة إن "الملاعين المسمون بالاشكانازيين (وربما قصد بهم النرمنديين) لم يقتلوا النساء وأن المذبحة التى جرت فى المسلمين واليهود الذين بالمدينة إنما صدرت عن اعتبارات حربية ودينية وأن الصليبيين لم يندفعوا اندفاع المسعورين بل أخذوا يسيرون سيرًا رتيبًا، فقضوا بعض الوقت "فى جمع مئات من الكتب التى باعوها فى عسقلان بعد قليل" وحين تتكلم وثائق الجنيزة عن "الكتب" فإنما تقصد بطبيعة الحال الكتب العبرية، وإن لم يكن هناك ما يدعو إلى الظن بأن الكتب الإسلامية كانت بمنجاة مما جرى على الكتب العبرية.

أما القول بأن الصليبيين باعوا الأسرى بأقل مما جرى العرف به وهو ٣٣ دينارًا للرأس الواحد فلا يعنى ذلك أنهم كانوا يجهلون الثمن، ذلك أن الحرب لم تكن تسمح بالاحتفاظ طويلًا بكثير من الأسرى، لكن من بين هؤلاء الأسرى رجال استبقاهم الصليبيون فى أيديهم وذلك لأنهم من عائلات مرموقة وكان استبقاؤهم إياهم راجعًا إلى طمعهم فى الحصول على فدية كبيرة لإطلاق سراحهم، ولكنهم أبقوهم فى انطاكية بضع سنين وهم فى رق الأسر.

لقد أصبحت القدس مدينة مسيحية ولم يعد مسموحًا فيها بممارسة شعائر العبادة الإسلامية أو اليهودية، كما أن الصليبيين لم يأذنوا لأحد ما غير مسيحى بالبقاء فى المدينة. أمَّا المساجد فقد حولوها إلى كنائس أو مبان مدنية وسميت المملكة الجديدة بمملكة بيت المقدس Regnum Hierusalem, وسرعان ما أخذت المدينة فى الازدهار باعتبارها العاصمة وأقام بها البلاط حكومة إدارية ومنظمات دينية عسكرية وأصبح آلاف الحجاج يزورونها كل سنة.

وأقام بها الكثيرون لآماد طويلة، كما اتخذها البعض مقامًا لهم، كانت هناك جماعات مسيحية وشرقية كالسريان