مؤسس الدولة الطولونية وهو أول ولاة مصر والشام الذين لم يكونوا تابعين للخلافة إلا بالاسم، وقد حذا حذوه مؤسسو جميع الدويلات التى قامت على أنقاض الخلافة. وكان أبوه طولون واحدًا، من الرقيق الذين جلبوا إلى بلاط بغداد عام ٢٠٠ هـ (٨١٥ - ٨١٦ م). وسرعان ما ارتقى إلى منصب رفيع. ويقال إنه رزق بولده أحمد فى الثالث والعشرين من رمضان عام ٢٢٠ هـ (٢٠ سبتمبر سنة ٨٣٥ م) أو بعد ذلك التاريخ بقليل. ونال أحمد حظًا وافر، من التعليم الحربى والدينى، وتلقى بعض علومه الدينية فى طرسوس، وقد أتيحت له فرصة التبريز فى سن مبكرة، ونال الحظوة لدى الخليفة المستعين الذى حبس فيما بعد وقام أحمد على حراسته. ولم يشترك أحمد فى اغتيال هذا الخليفة، بل هو على العكس من ذلك قد احتفل بجنازته ثم عاد إلى مواطنيه الترك فى سامراء. وبعد ذلك بقليل أقطعت ديار مصر إلى بايكباك زوج أمه، فاستخلف هذا ابن طولون لينوب عنه فى حكمها، فدخل أحمد الفسطاط فى الثالث والعشرين من رمضان عام ٢٥٤ هـ (١٥ سبتمبر ٨٦٨) م.
وحاول أحمد قبل كل شئ، أن يجمع إلى القيادة الحربية الإشراف على الأمور المالية التى كانت فى يد ابن المدبر، وهو رجل مهر فى تدبير الشئون المالية، ولكنه أغضب الناس بما فرضه من ضرائب جديدة، فعمد ابن المدبر إلى مناوأة ابن طولون. وتنازع كلاهما السلطة مدة طويلة، بنفسيهما فى مصر وبطريق أتباعهما فى سامراء. وكان أحمد قويا بمواهبه وأعوانه، ومع ذلك فقد ظل يصارع أربع سنوات حتى نجح فى إبعاد ابن المدبر عن مصر، وسرعان ما هيمن أحمد على مالية البلاد وصار من ثم مطلق اليد فى الميزانية وذلك بتدبير أداء جزية منتظمة. وقد أتاحت له الفرصة المواتية قبل ذلك أن يؤلف جيشًا مستعدًا لخوض غمار المعارك؛ فقد سمح له الخليفة أن يشترى عددًا عظيمًا من الرقيق لإخماد فتنة قامت ببلاد الشام (عهد الخليفة إلى شخص