الشفافية. والأبيض يشتق من خلط النار الخالصة (أى النور الشمسى) من حيث هو عنصر لامع، بالهواء (من حيث أنه أشد العناصر شفافية). والأسود يشتق من خلط النار والأرض.
أما الألوان الأخرى فهى تقع بين هذين الطرفين. وهى ألوان تتكون بفضل إجرء نسب متغيرة تغيرا لا نهائيا من الثنائى اللونى الأبيض والأسود. وحين يميل أحد الألوان المتوسطة أخضر، أحمر، أصفر. . . إلخ) نحو الأبيض فهذا يعنى أنه فقد نسبة من جزئيات من عنصر الأسود المتضمن فيه والعكس صحيح. وليشترك الشارح العربى الأكبر مع أرسطو فى أن خلط الألوان هو نتيجة لاتحاد كامل للعناصر المكونة للنار والأجسام الشفافة، وليس مجرد تجاورها أو تركيب بعضها فوق بعض.
ومن الواضح أن علماء الكلام العرب والفلاسفة لم يهملوا موضوع اللون، إلا أنهم كانوا معنيين أساسا بمعالجة النظريات التى ورثوها عن الإغريق وترجموها عنهم منذ القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى على يد رجال أمثال يحيى بن البطريق، حنين، بن اسحق، اسحق بن حنين، بشر بن متى. فإذا شئنا الدقة لم يكن لدى العرب -المسلمين مذهب محدد فى اللون ولا يوجد بحث -على حد علمنا- خصص لهذه المسألة.
[رؤية صوفية للون]
يرى الصوفى الحكيم (الثيوصوفى) الكِرْمانى -الإيرانى- أن اللون لغة الأَرواح -فالعين- وهى نقطة الالتقاء بين النور الخارجى والنور الداخلى. لا تعكس ما يقدم ما يقدم لها بصورة سلبية. إنها تشارك فى إدراك الأشياء وتنتج اللون الخاص بها، ويرى الكرمانى أن الألوان التى تدركها العين هى ألوان الأشياء لا ألوان أشعة النور، وهى توجد فى عالم ما فوق الحس. والنور هو تجريد اللون أو اللون فى صورته المجردة. والنور هو روحانية اللون، واللون هو تجسيد النور، وبدون النور يظل اللون حاضرا، ولكنه يشبه