وأصدر المؤرخون أحكاما مختلفة أشد الخلاف حول شخصية الحاكم، وقد حاول دوزى وميلر أن يظهرا أنَّه كان يتصف بشئ من المثالية. ويظن إيفانوف (Rise: Ivanow، ص ١٢٣ وما بعدها) أنَّه كان حريصا على تحقيق مثل أهل السنة حرصه على تحقيق مثل الإسماعيلية وينتهى غرضه هذا بقمع المسيحية، كما أنَّه كان إلى ذلك يحاول دائما أن يجعل مذهب الإسماعيلية أكثر كمالا، على أنَّه كان يرى فيه أيضا رغبة فى "مخاطبة العامة" ويذهب إلى أنَّه ربما كان فيه شية من النزعة التاريخية، بل هو يحس نكهة ديموقراطية فى بعض أعماله. ولكن ما ذهب إليه إيفانوف فيه إسراف.
وقد حاول يحيى الذى كان طبيبا ومؤرخا، أن يسوق تفسيرا طبيا لجنونه، فقال إنه جمع فى مخه بين أخلاط خبيثة وفاسدة جعلته منذ صباه يعانى من نوع من الكآبة (بمعناها الصحيح) واضطراب فى العقل جعله فريسة للأوهام. وقال إنه كان يتعرض فى شبابه للنوبات وأن فساد تركيب عقله جعله يقاسى من الأرق (انظر يحيى - رشيخو، ص ٢١٨ وما بعدها) وقد يفسر هذا الأرق تمشيه ليلا.
ومهما يكن من شئ فإن شخصية الحاكم تبقى لغزا من الألغاز، والظاهر أنَّه كان عدة أشخاص تتعاقب بل تتناوب.
[المصادر]
أهم المصادر التاريخية هى:
(١) يحيى بن سعيد الأنطاكى، وهو مسيحى مصرى (طبعة شيخو، ص ١٨٠ - ٢٣٤؛ طبعة وترجمة - Krachkovs kiy و Vasiliev فى. po جـ ٢٣، ص ٤٥٠ - ٥٢٠، وهذه الطبعة الأخيرة تصل إلى سنة ٤٠٤ هـ (١٠١١ م).
(٢) ابن القلانسى، ص ٤٤ - ٥٠، ٥٥ - ٧١، ٧٩.
(٣) ومن المصادر التاريخية الهامة أيضا: سبط ابن الجوزى، مخطوط بباريس رقم ٥٨٦٦، الأوراق ١٥٤ - ٢٤٢ حتى سنة ٤٠٠ هـ (١٠١٠ م).
(٤) ابن مُيَسَّر، ص ٥٢ - ٥٦، وهو لا يشمل إلا السنتين ٣٨٦ هـ و ٣٨٧ هـ.