للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[رودس]

أبعد جزائر بحر الأرخبيل ناحية الشرق. وتمتد رودس من الجنوب الغربى إلى الشمال الشرقى، وهى على بعد اثنى عشر ميلا تقريبا من الشاطئ الجنوبى لآسية الصغرى. ويبلغ طولها نحو ٤٥ ميلا، ويتراوح أكثر جهاتها عرضا بين ٢٠ و ٢٥ ميلا. وترتفع أرض هذه الجزيرة تدريجا من البحر حتى سلسلة الجبال الوسطى، وأعلى قممها جبل أرتميتى، وهو يرتفع ستة آلاف قدم فوق سطح البحر. ويفسر لنا موقعها الجغرافى الوسط بين قارات العالم القديم الثلاث أهمية هذه الجزيرة فى التاريخ البحرى. وكان قربها من الإمبراطوريات العربية ثم المصرية ثم العثمانية يجعلها فى متناول الحملات الإسلامية فى كثير من المناسبات.

ففى القرن الأول للهجرة أرسل الخليفة معاوية أسطولا بقيادة جنادة ابن أبى أمية الأزدى لغزو الجزيرة. واختلفت الروايات فى تاريخ هذا الفتح، فقيل إنها وقعت عام ٥٣ هـ = ٦٧٢ - ٦٧٣ م (انظر Chrongraphia Islamica: Gaetani بخصوص هذا الاختلاف بين المصادر). ولا نعرف إلا القليل عن هذا الفتح المتقدم العهد اللهم إلا أن العرب قد أنشأوا هناك محلة لم تعمر طويلا، فقد تخلوا عنها عام ٦٠ هـ (٦٧٩ - ٦٨٠ م) بأمر الخليفة يزيد (ثانى خلفاء بنى أمية) وبذلك استعادت الإمبراطورية البوزنطية الجزيرة. وقد ظلت المصادر التاريخية البوزنطية عهدًا طويلا تذكر للاحتلال العربى تدميره التام لتمثال رودس البرنزى الضخم المشهور وبيعه لتاجر يهودى من حمص Emesa . ويقال إن معدن هذا التمثال قد بلغ حمولة ٨٠٠ جمل.

وفى عام ١٣٠٨ أو ١٣١٠. أى فى عهد أتدرونيكوس الثانى ياليولوجوس استولى على جزيرة رودس فرسان الاسبتارية Hospitallers الذين أخرجهم من عكا عام ١٢٩١ السلطان خليل ولد السلطان قلاوون، وغدت الجزيرة فى عهد فرقة القديس يوحنا المقدسى التى أصبحت تعرف فى ذلك الوقت باسم فرسان رودس، شوكة فى جانب الإسلام بصفتها من أقوى معاقل المسيحية اللاتينية فى الشرق الأوسط. وكان للفرسان منذ ذلك الوقت شأن بارز فى معظم الحملات الصليبية التى