للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - أصل الحج فى الإِسلام:

لقد ثار اهتمام النبى [- صلى الله عليه وسلم -] بالحج أول مرة فى المدينة ويرجع اهتمامه إلى عدة أسباب بينها Snouck Hurgronje فى كتابه Mekkandnsche Feest، فقد دعاه نجاحه الباهر فى غزوة بدر إلى التفكير فى فتح مكة، وطبيعى أن التجهيز لهذا الفتح يكون أكثر توفيقًا إذ أثار النبى اهتمام صحابته بالأمور الدينية والدنيوية جميعًا، فقد خدع النبى [- صلى الله عليه وسلم -] فيما كان يعقده من آمال على جماعة اليهود بالمدينة، وأدت خلافاته معهم إلى قيام شقاق دينى بينه وبينهم (١٩) لم يكن عنه محيص، وإلى هذا العهد يرد أصل نظرية دين إبراهيم (٢٠) وهو الأصل الذى قيل إن اليهودية والإِسلام أخذا عنه، فأخذت الكعبة آنئذ يعظم شأنها شيئًا فشيئًا حتى غدت محور العبادة، وقد بناها أبو التوحيد هو وابنه إسماعيل لتكون "مثابة للناس". أما الشعائر التى تقام هناك فيمكن ردّها إلى حكم الله (سورة البقرة، الآية ١٩٨، وما بعدها)، وفى هذا العهد أيضًا جعلت الكعبة قبلة (سورة البقرة، الآية ١٣٥ - ١٤٤)، وقيل عن الحج إنه فرض (لله على الناس" (سورة آل عمران، الآية ٩٧).

كانت هذه هى الحال فى السنة الثانية للهجرة، وإنما استطاع النبى [- صلى الله عليه وسلم -] أن يسعى إلى تحقيق أغراضه بعد إذ خاب أهل مكة فى حصار المدينة فى السنة الخامسة للهجرة، وكان أول مجهود بذله فى هذا السبيل هو غزوة الحديبية، وهى وإن لم تبلغه مكة إلا أن الصلح الذى عقده مع قريش مهد الطريق للعمرة فى السنة التالية؛ وفى السنة السابعة للهجرة شرّع النبى [- صلى الله عليه وسلم -]. مناسك الحج فى الكعبة، ولكن الفرصة لم تتهيأ له لإقامة المناسك جهرا إلا بعد فتح مكة فى السنة الثامنة للهجرة، ولكنه لم ينتهز هذه الفرصة بشخصه بل أناب عنه فى السنة التاسعة للهجرة أبا بكر ليحج بالناس إلى مكة. وبينما هو فى طريقه لحقه على بن أبى طالب، وكان قد أمر بقراءة سورة براءة على الحجيج (سورة التوبة، الآية الأولى وما بعدها)