وكان خروج الجيش من القاهرة إلى مكان قريب للتجمع يسمى "تبريز". وحين كان السلطان يخرج بنفسه إلى المعركة فإنه يكون فى جميع الأحوال قائد "التجريدة" فإذا لم يخرج تولاها الأمير الذى تخوله رتبته ومنصبه أن يجلس أقرب ما يكون إلى السلطان فى المحافل الرسمية. وكان اللقب المألوف لهذا القائد حتى منتصف القرن التاسع الهجرى تقريبًا (الخامس عشر الميلادى) هو "مقدم العسكر" أو "العساكر"؛ وقلما كان يلقب بمقدم الجيش أو الجيوش؛ وكان لقبه يختصر أحيانًا فيقال المقدم فحسب. وفى الحملات التى تقتضى رحلات بحرية، كان يقام فى بعض الأحيان قائدان: مقدم العسكر فى البحر، ومقدم العسكر فى البر (النجوم الزاهرة، جـ ٢، ص ٥٤٨).
[مكان تجمع الجيش]
إذا استثنينا السنوات الأولى القليلة للحكم المملوكى فإن المماليك كانوا يجعلون المكان الذى تتجمع فيه جيوشهم التى تقوم بالحملات قرب القاهرة. وقد أقام السلطان الصالح نجم الدين أيوب (٦٣٧ - ٦٤٧ هـ = ١٢٤٠ - ١٢٤٩ م) سنة ٦٧٦ هـ (١٢٤٨ م) مدينة الصالحية فى الجزء الشمالى الشرقى من مصر السفلى لتخدم غرضين: أن تكون مكان استراحة للجيوش العائدة بعد عبورها صحراء سيناء؛ ومكان تجمع للجيوش الخارجة قبل تحركها فى سيرها المنتظم إلى الشام. وقد استغنى المماليك عن الغرض الثانى بعد تسلمهم مقاليد السلطة. ولعل السلطان قطز فى سيره إلى عين جالوت كان آخر سلطان استخدم الصالحية فى هذا الغرض (السلوك، جـ ١، ص ٣٣٠، س ٤ - ٦، ص ٣٧٣، س ١٥ - ١٧، ص ٣٨١، س ٦ - ٢١، ص ٣٨٢، س ١٥ - ١٦؛ ص ٤١١، س ٤ - ٥، ص ٤٢٩، ١٣ - ١٤؛ النهج السديد، جـ ٢٠، ص ١٨، س ١٨، الخطط، جـ ١، ص ١٨٤، س ٢٢ - ٢٤، ص ٢٣٢، س ٣ - ١١). ومن وقتها درج المماليك على تجميع جيوشهم بالقرب من القاهرة. وكان مكان تجميعها أول الأمر فى مسجد التبر (يحرف فى كثير من