متقلبين وأظهروا أن هدفهم لا يعدو أن يكون ترسيخ دعائم الدعوة.
ومع هذا فلم يلق المعتقد الفاطمى قبولًا عاما فى مصر وسوريا، وكانت سياسة الدولة الفاطمية تجاه أهل السنة متقلبة، فأحيانا كان يتم منع الممارسات السنيّة تماما وأحيانا كانت الدولة تتصرف بتسامح، ففى سنة ٣٠٧ هـ/ ٩١٩ - ٩٢٠ م تم إعدام أحد المؤذنين فى القيروان لأنه لم يقل فى الأذان "حى على خير العمل" وتم منع صلاة التراويح فى شمال أفريقيا، كما منعه! العزيز فى مصر سنة ٣٧٢ هـ/ ٩٨٢ - ٩٨٣ م، لكن الحاكم سمح بها بعد ذلك سنة ٣٩٩ هـ/ ١٠٠٩ م، وكان العزيز متشددا مع المالكية بينما كان الحاكم متسامحًا معهم فى بعض الأحيان وطرد الظاهر فقهاء المالكية من مصر سنة ٤١٦ هـ/ ١٠٢٥ م وفى سنة ٥٢٥ هـ/ ١١٣١ م أظهر الوزير كتيفات تسامحًا كبيرا فكان هناك إلى جانب القاضى الإسماعيلى، قاض مالكى وآخر شافعى وقاض إمامى، ويذكر القلقشندى أن الفاطميين كانوا متسامحين مع كل المذاهب السنية ماعدا المذهب الحنفى.
وقد تمتع المسيحيون واليهود بوضع مميز على نحو نسبى فى عهد الفاطميين، فقد لاحظنا أن عددا من الخلفاء الفاطميين قد اتخذوا لهم وزراء مسيحيين، ومن هؤلاء الخلفاء العزيز والحاكم الذى اتخذ ثلاثة وزراء مسيحيين هم فهد بن إبراهيم، ومنصور بن عبدون، وزرعة بن نسطورس والحافظ الذى كان وزيره هو بهرام المسيحى، وكان المسيحيون يشغلون المناصب العليا دائما رغم ما كان يبديه المسلمون أحيانا من كره لهم، وفى عهد العزيز تولى اليهود مناصب مهمة وزاد نفوذهم خاصة فى أيام المستنصر أثناء وصاية أمه عليه.
[الإدارة]
كانت الدولة الفاطمية فى شمال أفريقيا ذات نظم إدارية بسيطة غير معقدة رغم أنها كانت محاطة ببعض الطقوس والمراسم، لكن منذ بداية الفترة المصرية قام المعز والعزيز بإرساء دعائم مؤسسات قوية فقد قام جوهر وابن كلِّس وأُسلوج بوضع نظم إدارية