وكان من الحيل المصطنعة لخداع العدو بالنسبة لقوة الجيش المهاجم إيهامه بوصول مدد جديد: فترسل كتائب من الجيش تحت ستار الليل تعود فى الصباح، وتقرع الطبول وتنشر الأعلام كأنما هى جيش جديد يقترب. وهكذا قيل إن محمد بن تغلق أنفذ ١٠٠٠ مقاتل للقاء قوة لا تتعدى مائة جندى تلحق بجيشه. وكان التظاهر بالفرار يحقق ميزة فى كثير من الأحيان، كما حدث فى معركة فيروز شاه تغلق مع شمس الدين إلياس شاه البنغالى سنة ٧٥٤ هـ (١٣٥٣ م) قرب لكهنوتى، ذلك أن القوات البنغالية ظنت أن فيروز تقهقر تقهقرًا عامًا، فبرزت من معقلها لتطارده. ومن ثم لقيت هزيمة منكرة (عفيف: كتابه المذكور، ص ١١٤) على أن هذه الحيلة حيلة مألوفة، ومن ثم وقعت أخطاء فى اصطناعها. فقد حدث فى وقعة تُكرَوئى سنة ٩٨٢ هـ (١٥٧٤ م) أن حمل داود طليعة أكبر على الفرار بما فيها إلتمش والقلب، ولكنه لم يطاردها ظانًا أن الفرار كان خدعة، فكرّت عليه ميمنة الجيش المغلى بشدة وفقد داود هذا اليوم. وكان هذا التظاهر بالفرار فى كثير من الأحيان هو المناسبة التى تصطنع للكمين تعده فصيلة من الجيش تسحب إلى مكان يختار بعناية فى جوار المؤخرة: ومع ذلك فالكمين قد يعد لأغراض أخرى، ولغارات السلب تشن على العدو أو على خط مواصلاته، أو للموقف على أهبة الاستعداد فى حالة ما إذا احتاج الأمر إمداد أية نقطة من نقط الجيش. على أن الجيوش المغلية كانت تحتقر مثل هذا النمط من الحرب ولا تلجأ إليه.
وكذلك كان المغل يحتقرون الهجوم الليلى (شب خون) ولم يمارس هذا النوع من الحرب فى حماسة كبيرة حتى فى أيام السلطنة، وقد نعته أبو الفضل قائلا إنه "صنعة الجبناء ويحتقره الأبطال"(أكبر نامة، جـ ٣، ص ٥١): على أنه استعمل فى كثير من الأحيان ضد الجيوش الإسلامية التى نبه عليها بأن تتهيأ له. ووصف كتاب