وإلى العراق، وتكنيه المصادر ابن سميّة حينًا، وابن عبيد حينًا، وابن أبى سفيان حينًا، وابن أبيه أحيانًا. وكنيته بابن أبيه حل لهذا اللغز، ولكن هذا الحل إنما ينطوى على شئ من اليأس والقنوط، ومع ذلك فهو أسلم الحلول من حيث الحقيقة التاريخية.
وقد خلط مشايعو بنى أمية ومناهضوهم نسب هذا الشخص ما شاء لهم الخلط، مدفوعين إلى ذلك ببواعث مختلفة، فقال المشايعون إن أم زياد هى سمية وكانت أمه من الطائف. أما المناهضون فيزيدون على ذلك أنها كانت امرأة فاجرة ويروى أن أبا سفيان عرفها، ومن ثم نستطيع تعليل نسبة زياد إلى بنى أمية. ومهما كان رأينا فى ذلك فإن زيادًا الصغير قد اجتمع له ما عرف عن بنى قومه الثقفيين من ذكاء ويقظة ورجاحة عقل، واستقر الأمر بزياد فى البصرة مع أقرب أقربائه بنى بكرة، فأصبح فى سن مبكرة كاتبًا فى خدمة ولاة العراق الأولين، وتولى علىّ الخلافة فقرر الانتفاع بمواهبه، وكان يوفده فى عظائم الأمور، وتوفى على فاسترعى زياد نظر معاوية، وكان هذا السيد الخطير حريصًا على أن يستميل إليه عضدًا فى مقدرة زياد، بيد أن مساعيه الأولى قوبلت من زياد بالصد، فعمد معاوية إلى حيلة تدلك على مبلغ ما كان يستطيعه هذا الخليفة عندما تتعرض مصالح بيته للخطر، ونعنى بهذه الحيلة الاستلحاق، أى الاعتراف رسميا ببنوة زياد لأبى سفيان.
ونصب الخليفة بعد قليل أخاه من أبيه واليًا على البصرة، وكانت معسكر، رئيسيًا ينتظم الجنود المجهزين لإتمام الفتوح فى المشرق، وقوامهم جماعات من أشد قبائل البدو جنوحا إلى الفتنة والشغب، وأكثرهم تهديدًا لأمن الدولة وسلامتها، ومن ثم كان منصب البصرة يتطلب رجلا من الطراز الأول. وكانت نية معاوية قد صحت على توجيه اهتمامه إلى الأقاليم الغربية للخلافة. وظلت خطبة زياد التى ألقاها فى مسجد البصرة عند وصوله من آيات الأدب