أبو جعفر المنصور بن المسترشد الخليفة العباسى. في الثانى من ربيع الثانى عام ٥١٣ هـ (١٣ يولية ١١٩ م) عقد الخليفة المسترشد البيعة لولده وولى عهده أبي جعفر المنصور، وكان وقتذاك في الثانية عشرة من عمره.
وفى ذى القعدة من عام ٥٢٩ (أغسطس - سبتمبر سنة ١١٣٥) نودى بأبى جعفر خليفة ولقب بالراشد بالله.
وسرعان ما طالبه السلطان السلجوقى مسعود بن محمد بأن يؤدى له أربعمائة ألف دينار، فأبى الراشد بالله.
وزعم أنَّه ليس لديه مال. وحاول مبعوث مسعود أن يفتش قصر الخليفة والاستيلاء على المال عنوة. فقاوم جنود السلطان وبدد شملهم ووقع القصر فريسة للسلب والنهب. وسحب عدد من الأمراء ولاءهم للسلطان، وخرج ابن عمه داود بن محمود من أذربيجان للإغارة على بغداد فبلغها في بداية شهر صفر عام ٥٣٠ (نوفمبر ١١٣٥).
على حين ازداد مؤيدو الخليفة. وكان من بين من انضم إليه أتابك الموصل عماد الدين زنكى ونودى بداود سلطانا على بغداد. وما إن سمع مسعود بذلك حتَّى استعد للحرب، وتقدم نحو بغداد وحاصرها، ولكنه لم يفلح في الاستيلاء عليها، فارتد عنها بعد خمسين يوما تقريبا؛ وشخص إلى النهروان ثم إلى همذان. وتقدم طرُنطاى والى واسط وامد السلطان بعدد واف من القوارب
وبذلك استطاع عبور نهر دجلة واحتلال ضفته الغربية. وكان من نتيجة ذلك أن تفرق الخلفاء، فعاد داود إلى أذربيجان، ورجع زنكى إلى الموصل مصطحبا معه الخليفة، أما مسعود فقد دخل في منتصف شهر ذى القعدة عام ٥٣٠ (أغسطس ١١٣٦) مدينة الخلفاء القديمة، وقضى على أعمال السلب والنهب وما إليها، وأعاد النظام إلى المدينة. ثم جمع مجلسا من القضاة
والفقهاء فأعلنوا أن الخليفة الهارب غير أهل للخلافة. وكان من بين التهم التي رمى بها الخليفة أنه حنث بيمينه للسلطان، ذلك أنَّه كان فيما يقال قد أقسم لمسعود بأنه لن يجرد السلاح