(١) وكذلك لا يجب الحج على المريض الذى لا يتحمل مشاق السفر وإن تيسر له الزاد والراحلة ولم يشترط مالك الزاد والراحلة، بل أوجبه على من يقدر على المشى والتكسب فى الطريق.
(٢) ليس هذا من مذهب الشافعى ولا غيره من الفقهاء، بل لا يقول هذا مسلم، ولعل الذى أوقع كاتب المادة فى الشبهة أنهم اختلفوا فيمن لا يقدر على الحج لمرضه أو شيخوخته، وعنده من المال ما يستطيع به إنابة غيره من القادرين، هل تجب عليه الإنابة أم يسقط عنه الحج؟ فأوجب الشافعى عليه الإنابة ولم يوجبها مالك ولا أبو حنفية، وعند الشافعى أن الذى يدركه الموت ولم يستطع أن يحج يلزم ورثته أن يخرجوا من ماله ما يحج به عنه.
فيكون ما بناه على هذا من أن معظم المسلمين أدركتهم الوفاة ولم يروا مكة خطأ بينا. على أنَّه ليس معظم المسلمين والسلاطين شافعية، بل الخلفاء والسلاطين الذين يعنيهم - وهم العثمانيون - كانوا أحنافًا متعصبين لحنفيتهم أشد التعصب.
(٣) وإنما أخذ رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] بالسنة القمرية لأنَّ الله هو الذى جعل الأهلة مواقيت للناس والحج، إذ قال في سورة البقرة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} وذلك لأنها أدق الآيات وأضبطها لحساب الشهور، وهي مع ذلك أوضح العلامات وأبينها للكافة.
(٤) ليس من السنن الدينية القديمة ولا الجديدة أن يتكلف الناس في حجهم أو أي عبادة من عباداتهم ما لا يطيقون وما يشق عليهم. فإن الله تعالى يقول في سورة الحج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وفي سورة البقرة {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقد ثبت أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] حج راكبا ولم يرغب أحدا ممن حج معه في المشى.
على أنَّه يلاحظ أن هذه المشاق كانت أكثر وجودًا في السنين الماضية. أما اليوم فلا يحج على الرواحل إلا أهل جزيرة العرب فقط. والفقراء من البلاد