التي يستعمرها الأوربيون في أواسط أفريقيا وغربها مثل الكونغو وكانو نيجريا، وهم قلة لا تذكر بجانب عشرات الآلاف التى تحملها البواخر من مصر والشام وبلاد المغرب والهند ونحوها، والذي يحج أو يقرأ رحلات الحجاج في هذه الأيام يعلم أن الحال قد تبدلت كل التبدل عما يتحدث عنه الكاتب وبالأخص في الأمن الذي شمل الجزيرة كلها بإقامة الملك ابن السعود الحدود وتنفيذ أحكام الإِسلام وشرائعه؛ حتى أصبحت أعظم أمنا من كل بلاد العالم بفضل الله.
(٥) لقد كان ذلك أيام كان حكام الحجاز وولاته أنفسهم ظلمة مضيعين لشرائع الإِسلام معتدين حدود الله منتهكين حرماته، بل كانوا أنفسهم ينبهون الحجاج وأهل البلاد ويسلبونهم أموالهم وأرواحهم ويعيثون في الأرض فسادًا. [وهذا قد تغير بعد ذلك وأصبح محلّ التقدير فى عصرنا حيث يسودها جُلّ الأمن والأمان].
(٦) هذا خطأ لم يتحر فيه كاتب المادة الوقائع الصحيحة. فإن حادثة القرامطة الزنادقة التي وقعت لم تتكرر، وأما السلطات المصرية، فإنها كانت تحرص أشد الحرص على تحسين سمعتها في العالم الإِسلامي بخدمة الحرمين الشريفين. وهذه أوقاف ملوكها وسلاطينها وأعيانها من الزمن القديم على الحرمين تدل على ذلك أوضح الدلالة، اللهم إلا في الفترات التي كانت فيها الحروب بين بني العباس والفاطميين. وقد كانت الحروب بعيدة عن الحرمين. وأين هذه الحروب مما يفيد كلام الكاتب من أن السلطات المصرية كانت تعتمد إلى قطع الطريق على الحاج وتصده عن سبيل الله.
وإنه ليبدو من كلام الكاتب أنه لا يعرف عن الوهابيين شيئًا، إذ يجعلهم والسلطات المصرية مع القرامطة والقرصان قطاعًا للطريق، لقد كان جديرا به أن يدرس أولا تاريخ الوهابيين وعقيدتهم ومبدأهم الإِسلامى الصحيح وما كان يملى عليهم من تعظيم شعائر الله وإقامة شرائع الإِسلام والوقوف عند حدوده فإنَّه لو درس غير هذه الدراسة لقال غير ذلك.