للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[بكاء]

" بَكّاء" والجمع بُكّاءون وُبكّاء، زهاد يذرفون في تعبدهم دموعًا غزيرة. ويتسم الزهد والتصوف في العهد الإسلامي الأول بشعور قوى بالذنب، وندم شديد، وذلة وخشوع وحزن. وكان الضحك مستقبحًا. والبكاء هو المظهر الخارجى لهذا المسلك. وقد ورد في القرآن الكريم (سورة الإسراء، الآية ١٠٩) "ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا" وورد فيه (سورة مريم الآية ٥٨) "وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجًدًا وبكيًا". ثم إن الحديث الشريف يقر علاوة على ذلك كله ذرف الدموع في العبادات ويثنى عليه. ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم بكى بصوت مسموع في بعض الأوقات، وهو يؤدى فريضة الصلاة. ويروى أن الخليفتين أبا بكر وعمر انتهجا المسلك نفسه. ومن الممكن أن نورد قائمة طويلة بأسماء الزهاد البكائين، أو على الأقل الذين امتدحوا البكاء، من كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم. وينتمى لهذه الطائفة شخصيات مشهورة مثل الحسن البصري، وابن سيرين، ومالك بن دينار، وأبي الدرداء (الذي كتب هو نفسه مصنفًا خاصًّا ونعنى به "كتاب الرقّة والبكاء") وإبراهيم النَخْعى، وأبي سليمان الدارانى، وفُضَيل بن عياض، وحبيب العَجَمى، وعبد الواحد ابن زيد، وسفيان الثَوْرى، وذى النون المصري، ويحيى بن معاذ الرازي إلخ. ومع ذلك فليس هناك إلا قلة ممن لقبوا بلقب البكاء، أو على الأقل أطلق عليهم لقب البكائين ومنهم يحيى البكاء (في البصرة، حلية الأولياء، حـ ٢، ص ٣٤٧) وأبو سعيد أحمد ابن محمد البكاء (حلية الأولياء، حـ ٧، ص ٣٨٥) ومطرف بن طريف، ومحمد بن سوقة، وعبد الملك ابن أبجر، وأبو سنان ضرار بن مرة (هؤلاء الأربعة فىَ الكوفَة: حلية الأولياء، حـ ٥، ص ٤، حـ ٥، ص ٩١) وسيار النباجى (الملقب بلقب الباكى، حلية الأولياء، حـ ١٠، ص ١٦٦) وهيثم البكاء وصفوان بن محْرِز (الجاحظ: البخلاء، ص ٥)، وهشام ابن حسان (Some Semitic: Wensinck Rites of Mourning، ص ٨٥ وما بعدها)