الفقهاء. وقد تناولت كتب الفقه لإدارة الأوقاف وأمور تفصيلية أخرى كثيرة.
[الوقف فى التاريخ]
الرأى السائد بين المسلمين أنه لم يكن هناك وقف فى شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام سواء وقف الأراضى أو المنازل (انظر كتاب الأم للإمام الشافعى)، وقد أرجع الفقهاء هذا النظام إلى أيام النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] والبراهين التى يقدمها الفقهاء ودارسو أحاديث الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لإثبات أن الوقف كان له وجود أيام الرسول أو أيام خلفائه الراشدين فى هذا الصدد أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] رغب فى شراء بساتين من بنى النجار لبناء مسجد فرفضوا تقاضى ثمنها وتبرعوا بها ابتغاء مرضاة اللَّه. وتشير الأحاديث أيضًا أنه عند تقسيم أرض خيبر نال عمر بن الخطاب نصيب جيد منها فعرض على النبى أن يتصدق بها فأشار عليه النبى بأن يحبّس أصلها ويسبَل ثمرتها. ومع هذا فإن الفقهاء القدماء لا يوافقون على نقاط أساسية متعلقة بالوقف فَشُريح (المتوفى ٨٢ هـ/ ٧٠١ م) يستشهد بحديث لم يرد فى الست الصحاح (لا حَبْس عن فرائض اللَّه) وعارض الشافعى فكرة أن يظل الوقف ملكا لصاحبه ولورثته من بعده، وكان لآراء الشافعى أثرها فى رسوخ فكرة الوقف واتساعها فى مصر وغيرها، ويقال إن أبا يوسف كان يعارض فكرة الوقف إلى أن رأى فى المدينة المنورة أوقافا كثيرة للمسلمين فغيّر رأيه (انظر المبسوط للسرخسى)، بما يؤكد أن فكرة الوقف بمؤسساته لم تظهر إلّا بعد وفاة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى مرحلة ما من القرن الأول للهجرة وأنها لم تأخذ شكلها القانونى إلّا فى القرن الثانى للهجرة، ووجدت دعمًا لها فى حرص المسلمين الشديد على فعل الخير الذى يحثهم عليه القرآن الكريم والحديث الشريف كما أن العرب وجدوا فى البلاد المفتوحة كثيرًا من المنشآت التى كُرّست للمنافع العامة وللإنفاق على الكنائس والأديرة ودور رعاية الأيتام ومساكن إيواء الفقراء، ووجدوا أن مثل هذه المؤسسات مطلوبة ويحض عليها الدين، ولم يلغ المسلمون هذه المنشآت الخيرية البيزنطية وإنما أبقوها تحت رعاية الأساقفة (انظر فى هذا: Justinian: Novelle. ١٣١, Saleilles, Les plae