التى تنقل إليها بدورها المدركات الحسّية. ويدرج إخوان الصفاء الحاسة المشتركة فى فهرست الرسائل (جـ ١) ص ٢٨)، ولكنهم يغفلونها فى الرسالة نفسها (جـ ٢، ص ٢٥٨ - ٢٧٠)، حيث تتخذ القوة المتخيلة وظيفة الحاسة المشتركة بالإضافة الى وظيفتها الخاصة.
ويبدو أن الفارابى ينسب شأنًا مختلفًا بعض الاختلاف لهذه القوة، ويقول:"فى الحد المشترك بين الباطن والظاهر قوة هى تجمع تأدية الحواس وعندها بالحقيقة الإحساس (المصدر المذكور، ص ٧٥)، فالقوة "الباطنة" للحيوان التى يواجه بها خروف ذئبًا، مثلا، تدرك أن عليه أن يهرب لأن الذئب عدو له. ومهما يكن من أمر، فإن هذا "الإدراك الصحيح" يمكن أن يدل دلالة أكثر بقليل مما تدل عليه المدركات الحسية للشخص، مجتمعة فى الحقيقة، لأنها تنقل فى الحال إلى القوة المصوِّرة ("خازنة" مدركات الحواس) والقوة الحافظة ("خازنة" مدركات الوهم).
والظاهر أن الوهم عند الفارابى له فعل يماثل فعل الحس؛ فعند ابن سينا يبدو أن القوة الوهمية (أرفع قوة للحكم فى الحيوانات)، توضع فى مرتبة أعلى من القوة المُتخيّلة (التى تطابق القوة المفكرة عند الإنسان)، وتقوم عرضًا أيضًا بالوظيفة التى تقوم بها الحاسة المشتركة عند أرسطو، التى تقابل بالاستخفاف فى النظريات الإسلامية الأخرى، وهى الحاسة التى تفهم أن الإدراك الحسى يحدث. ويرفض ابن رشد التسليم بمفهوم الوهم فى الحيوان باعتباره غير لازم، ويتمسك بأن القوة المتخيلة، باعتبارها قوة فعالة، قادرة على القيام بالوظيفة المحددة للوهم (تهافت التهافت، طبعة M.Bouyges, بيروت سنة ١٩٣٠، ص ٥٤٦ - ٥٤٧).
وتعد نظريات إخوان الصفاء (المصدر المذكور) وابن سينا (المصدر المذكور) أكثر النظريات الإسلامية وضوحًا وتنسيقًا.