دجلة كان يعنى أن العاصمة الجديدة، مع نهاية حكم المنصور، كانت بالفعل حاضرة مزدهرة. أما على نهر الفرات وفى الجزيرة فقد تطورت "الرقة" أيضًا من عام ١٥٥ هـ/ ٧٧٢ م فصاعدا، كقاعدة خراسانية للإشراف على شئون الشام، والحدود البيزنطية.
وفى عام ١٤٧ هـ/ ٧٦٤ م أجبر المنصور، عيسى بن موسى على أن يستقيل من منصبه كوريث شرعى، وقام بتعين ولده محمد المهدى الذى كان يتمتع بتأييد جموع الخراسانية، الذين أجبروا عيسى على أن يكتفى بمنصب الوريث للمهدى. .
ومات المنصور وهو فى طريقه إلى مكة فى ذى الحجة عام ١٥٨ هـ/ أكتوبر ٧٧٥ م، وهو فى منتصف الستينات. وقد شهدت السنوات الأحدى والعشرون التى قضاها فى الحكم إقامة الخلافة العباسية كدولة مركزية فى قبضة الخليفة وقد كان سياسيا محنكا حقق أهدافه بعقلية منفردة وإصرار حكيم. ولا يمكن أن نعتبره حاكما محبوبا (أو شعبيا). . وقد اشتهر بجهده العنيف. . وقد اشتهر بأخلاقيات يكاد يضرب بها المثل (وكان لقبه "أبو الدوانق" الأشياء الصغيرة)، ويشعر الكثيرون بأن أسلوبه الاستبدادى فى الحكم قد خان آمال الثورة العباسية.
ومع ذلك فبدون هذه القبضة القوية الحازمة، كان يمكن أن يتمزق العالم الإسلامى قبل الأوان فى هذا القرن الثانى الهجرى، الثامن الميلادى. .
[المصادر]
(١) الطبرى: تاريخ الرسل والملوك تحقيق: De Goeje ليدن ١٨٧٩ - ١٩٠١ م.
(٢) المسعودى: مروج الذهب، باريس ١٨٦١ - ١٨٧٧ م.
(٣) البلاذرى: أنساب الأشراف تحقيق، م. حمد اللَّه، القاهرة ١٩٦٠.
(٤) الثعالبى: لطائف المعارف، تحقيق الأبيارى. القاهرة.