للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

-وقد عملت هذه الخطوة على أن تتمتع خراسان بقدر طيب من الاستقلال الذاتى، فى الوقت الذى أكدت فيه سيطرة العباسيين الكاملة- ومع ذلك كان لا يزال هناك اضطرابات متفرقة فى الأجزاء البعيدة من الأقليم وخصوصا فتنة أستاذ سيس الراوندى فى بادغيس Badhghis من عام ١٤٧ هـ/ ٧٦٤ م إلى عام ١٥١ هـ/ ٧٦٨ م. ولكنها جميعًا لم تكن تشكل خطرا كبيرا على سلطة العباسيين.

كما شهدت مناطق أخرى على حدود "الخلافة" الكثير من الاضطرابات المستمرة -ففى عام ١٤٧ هـ/ ٧٦٤ م قام الخزر بهجوم عبر القوقاز واحتلوا تفليس لفترة قصيرة قبل أن يتم طردهم منها. كذلك فإن الحدود البيزنطية كانت مسرحا للاستيطان والتحصينات، بدلا من الحملات. أما فى شمال أفريقيا -فقد تهددت أفريقية انتفاضات متوالية عن الخوارج واستمر ذلك حتى عام ١٥٥ هـ/ ٧٧٢ م عندما رسخ "زيد بن حاتم المهلبى" الحكم العباسى هناك. .

وفى الأندلس أمسك بالسلطة أحد أفراد الأسرة الأموية، وهو عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام الذى أسس إمارة مستقلة فى عام ١٣٨ هـ/ ٧٥٦ م.

وقد كان أكبر إنجاز باق للمنصور هو إنشاء عاصمة جديدة للعباسيين فى بغداد. فقد كان السفاح والمنصور يعيشان فى عديد من الأماكن فى وسط العراق إلى أن قرر الخليفة ١٤٥ هـ/ ٧٦٢ م أن يبنى عاصمة جديدة هى بغداد. ويرجع ذلك إلى الحاجة إلى الأمن, فقد أوضحت ثورات الراوندية كيف أن الخليفة يمكن أن يتعرض للأذى والخطر حتى إذا كانت الاضطرابات على نطاق صغير. كذلك تطورت بغداد كمركز للجنود الخراسانيين الذين جاءوا من الشرق، ولا يمكن أن يستقروا فى المدن القائمة مثل الكوفة دون أن يثيروا العداء من سكان المدينة. وقد كانت بغداد فى بادئ الأمر إدارية وعسكرية، ولكن بناء الحى التجارى فى "الكرخ" إلى الجنوب منذ عام ١٥١ هـ/ ٧٦٨ م فصاعدا، والاستيطان على الضفة الشرقية لنهر