هذه المسألة من أهم مسائل الخلاف بين القراء والمحدثين والفقهاء، وألف فيها الكثيرون كتبًا خاصة، فمن ذلك كتاب "الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف" للإمام الكبير أبي عمر يوسف بن عبد البر القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ وهو جزء في ٤٢ صفحة، وقد طبع في مصر سنة ١٣٤٣ هـ, وكتاب لأبي محمَّد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي، ذكره النووي في المجموع، وقال إنه مجلد كبير، ولخص أهم ما فيه، وألف فيها أيضًا ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي والخطيب. وقد جمع الحافظ الزيلعى في: نصب الراية أكثر ما ورد فيها من الآثار والأقاويل في مقدار يصلح كتابًا مستقلا (١٦٨: ١ - ١٩١ من طبعة الهند، و ٣٢٣: ١ - ٣٦٣ من طبعة المجلس العلمي سنة ١٣٥٧ هـ) وكذلك النووي في المجموع، كتب فيها مقدارًا وافيًا.
واستيعاب ما قالوه لا يسعه المقام هنا، لكنى أقول فيها كلمة أرجو أن أوفق إلى أن تكون القول الفصل، إن شاء الله.
اتفق المسلمون جميعًا على أن البسملة جزء من آية في سورة النمل، ثابتة ثبوت التواتر القطعى الموجب لليقين.
ثم اختلف الفقهاء وغيرهم بعد ذلك: هل هي آية من كل سورة من سور القرآن الكريم سوى براءة؟ أو هي جزء من آية؟ أو هي آية مستقلة نزلت مع كل سورة -براءة- لافتتاحها وللفصل بينها وبين غيرها؟ أو هي آية من الفاتحة فقط؟ أو ليست آية أصلًا، لا في الفاتحة ولا في غيرها؟
فنقل العلماء عن مالك والأوزاعي وابن جرير الطبري وداود أنهم ذهبوا إلى أنها ليست في أوائل السور كلها قرآنا، لا في الفاتحة ولا في غيرها.
وحكاه الطحاوي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وهو رواية عن أحمد، وقول لبعض أصحابه، واختاره ابن قدامة في المغني.
وقال أحمد: هي آية في أول الفاتحة وليست قرآنا في أوائل باقي السور،