للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[علم الهيئة]

علم هيئة السماوات، أو علم الفلك، وله فى العربية العديد من الأسماء الأخرى، هو ذلك الفرع من المعرفة الذى يختص بدراسة التركيب الهندسى للكون، وتحديد القوانين التى تحكم الحركات الدورية للأجرام السماوية، وابتداع نماذج تصويرية لوصف تلك الحركات، واختزال المعلومات فى صورة جدولية تسمح للحاسب بتحديد مواقع الأجرام السماوية على النحو الذى تشاهد به من أى منطقة على سطح الأرض بكل دقة ويسر، وابتكار واستخدام الأدوات اللازمة لضمان أقصى دقة فى الرصد.

إن التركيب الهندسى للكون على النحو الذى أدركه به الفلكيون المسلمون بعد حوالى عام ٨٠٠ م يتطابق عموما مع التركيب الذى اقترحه بطلميوس فى كتابه "المَجَسْطى"؛ فالأرض مستقرة دون حركة بالقرب من مركز مجموعة من ثمانية أفلاك تحيط بها آخرها مرصعة بالنجوم الثابتة وهى تدور كل يوم من الشرق إلى الغرب، كما تتحرك أيضا فى الاتجاه العكسى، أو تتذبذب بحركة تعرف بـ "الارتعاش" وكرات الكواكب النجمية الخمس التى لا ينطبق مركزها المشترك على مركز الأرض -تدور بأسلوب يجعل مراكز حركتها المنتظمة غير متطابقة مع مراكزها الهندسية. وكان علم الفلك عند المسلمين معنيا بدرجة كبيرة بشرح تعقيدات هذا النظام وتهذيب القيم العددية التى من شأنها تحويله من نموذج "وصفى" إلى نموذج "كمى" لحركات الأجرام السماوية؛ كتب "الزيج" قائم على الجداول المبنية على الحركات المنتظمة لمختلف أجزاء النموذج الكونى وقيمها العددية المحددة.

لهذا اعتبر الفلكيون المسلمون بصفة عامة -وبناء على مؤلف المجسطى- أن النظام الكونى إنما هو تركيب رياضى بحت لا حاجة به إلى سورة فيزيائية مناظرة، لكن ابن الهيثم اعتبر النماذج الواردة فى المجسطى حقائق فيزيائية فى واقعها وكانت المشكلة التى واجهت الذين قبلوا هذا الرأى هى التوفيق بين هذه النماذج وبين الفيزياء الأرسطية،