ويقال أنه قام بزيارة على بن أبى طالب وقدم إليه ابنه الفرزدق، فأوصاه على بأن يعلم ابنه القرآن -وقد جاء فى الأغانى إن هذه الزيارة تمت فى البصرة بعد موقعة الجمل، ويقول البغدادى فى كتابه خزانة الأدب أن غالبًا كان حينئذ شيخا عجوزا وكان الفرزدق فى بواكير شبابه.
وقد اكتسب غالب شهرته بكرمه، ويعتبره محمد بن حبيب واحدًا من أشهر من عرفوا فى الجاهلية بالكرم والسخاء. ولكن -كما يؤكد الجاحظ- كان واحدًا من أكرم الرجال فى العصر الإسلامى. ولا يقل كرما عن رجال الجاهلية رغم أن الرأى العام يفضل هؤلاء الآخرين. ويقال إنه كان كثير العطايا والهبات لا يسألهم شيئا حتى ولا من يكونون. وقصة خصومته زمن عثمان مع "سُحَيمٌ بن وثيل الرّياحى حول نحر الإبل ترد فى كثير من النصوص كما أن الفرزدق أشار إليهما مفاخرا فى شعره، ولكن جريرًا أشار إليه فى استهجان وازدراء. وثمة قصة وردت فى النقائض تقول إنه وزع فى الناس بمكة أربعين ألف درهم وقد اعتدى عليه ذكوان بن عامر الفقيمى فى نزاع شب بين أتباع الأخير وأحد خدم غالب الذى حاول مِنع الفقيميين من الشرب من بئر لغالب فى القبيبات، وينكر المشاجعى إنه مات نتيجة هذا التعدى، ويقول إنه مات فى مستهل حكم معاوية ودفن عند كاظمة.
وقد رثاه ولده الفرزدق فى شعر كثير له، وأصبح قبره ملجأ المحتاجين والمضطهدين الذين ينشدون المساعدة التى يجدونها عند الفرزدق، الذى كثيرا ما يسميه فى قصائده بذى القبر أو صاحب الجدث. راجع عنه المبرد للكامل ورسائل البلغاء لابن قتيبة والاشتقاق لابن دريد والأغانى وذيل الأمالى للقالى والأصابة لابن حجر والخزانة للبغدادى.