يذكر ابن القفطى (٥٦٨/ ٦٤٦ هـ - ١١٧٢/ ١٢٤٨ م) سبع فرق يونانية فى الفلسفة اليونانية، ولكنه يصنفها فى قسمين رئيسيين، أحدهما يشايع فيثاغورس، والآخر يشايع أفلاطون وأرسطو. ويرى أن فريقا يهتم بالفلسفة الطبيعية مثل فيثاغورس وفريقا آخر يهتم بالفلسفة السياسية مثل أفلاطون وأرسطو وأن هذه القسمة ترجع إلى أرسطو، غير أنه لا يجعل منهما شطرين منفصلين عن بعضهما تمام الانفصال ويرى الفلاسفة المسلمون أن الفلسفة قد بلغت أوجها عند أرسطو تلميذ أفلاطون وهى دراسة مركبة تتناول العالم الشامل فى علاقته بالحياة الإنسانية وتتناول الإنسان بوصفه كائنا وسط العالم الشامل وتضع مفهوما لهذا العالم باعتباره الوسيط الذى يحقق الإنسان من خلاله الهدف الأسمى وهو الكشف من جديد عن مبدأ وجوده، على أن تكون أداته فى ذلك المعرفة والفضيلة. ولقد كان الدافع وراء نشوء الفلسفة الإسلامية دافعا دينيا فى طبيعته، حيث رفضت هذه الفلسفة بشدة نموذج الفكر الإغريقى الذى ينكر وجود الخالق، وهو نموذج يتمثل فى المدرسة الطبيعية (أو الدهريين كما يسميهم القفطى) إلا أن الطبيعيين ينقسمون إلى قسمين هما الماديون الخلص وهم مرفوضون، والإلهيون مثل فيثاغورث وأفلاطون. أما أرسطو فى كتابه الميتافيزيقا فلم يكن الإله عنده علة فاعلة بل هو الغاية وليس المبدأ، هذا ما جاء فى الميتافيزيقا الأرسطية، ومن هنا تقدم الأثولوجيا أى كتاب الربوبية المنسوب لأرسطو الحل وإن كان يتحدث عن الصفات الإلهية لا عن عملية الخلق. ومن السهل أن ندرك -فى ضوء هذا- أن الأفلاطونية الجديدة إذ تجسد كل وجهات النظر هذه فى نسق واحد يمكن أن تكون بمثابة الصيغة النهائية لمثل أعلى فلسفى ينسجم مع المثل الأعلى الدينى التقليدى. ومن ناحية أخرى كانت هناك مدرسة أرسطية التزمت بمبادئ أرسطو وحصرت نشاطها فى إطار تصحيح أخطائها وتلافى نقاط ضعفها وإيضاح ما غمض منها وإزالة تناقضاتها وقد