الأخرى، وليس البحث فى هذا مرة، ولا هو مخالف لمألوف البحث الفقهى، ولا غريب فى مصادر استدلاله، وطرق ذلك الاستدلال. . ولذا لا نفهم وجها لعبارات كاتب المادة، ونشعر بما ينقصها من الدقة التى تكون عن طول الممارسة للفقه وكتبه. . ومن ذلك:
(د) قوله: "وبهذا المعنى يعد من الشهداء مثلا من يموت فى أمراض مثل الطاعون. . . وكذلك من يموت موتا عنيفا إذ يقضى من الجوع أو العطش أو الغرق أو الهدم أو الحريق أو السم. إلخ ما يعد من ذلك فى سياق يوهم أن لهؤلاء أحكام الشهداء الفقهية، التى ساقها؛ وهو قول تنقصه دقة الملاحظة لتعريف الفقهاء للشهيد الذى يعطونه ما ذكروا من الأحكام؛ وبهذا التعريف يخرجون هؤلاء الذين عدهم من أحكام الشهيد الفقهية فى عدم التغسيل، وفى الدفن بالثياب الخ. . .، ويقررون أن لهؤلاء من الغرق والحريق، والمبطون ثواب الشهداء، وهم شهداء على لسان الرسول صلى اللَّه عليه وسلم، لكن لا تجرى عليهم تلك الأحكام الخاصة، فهم يغسلون -انظر المبسوط جـ ٢: ص ٥١؛ والزيلعى على الكنز جـ ١: ص ٤١٧ وغيرهما من كتب الفقه، بل نجد ذلك فى مجموع الإمام زيد، الذى ذكره الكاتب نفسه فى مصادره- انظر ص ٧١، جـ ٢، فقرة ٣٠٩ ط ميلانو.
[٤ - ما فى تمنى الشهادة]
قال كاتب المادة، وبحسب بعض الأحاديث أن كلا من النبى عليه الصلاة والسلام، وعمر رضى اللَّه عنه تمنى الشهادة؛ لكن علماء أهل السنة لا يحبذون بوجه من الوجوه هذا الطلب للشهادة، بل هم يحاربونه، وذلك لأنه فى قول مقبول ذهب اليه فنسنك يشبه الانتحار، والإسلام ينكر الانتحار".
ومسلك الكاتب فى هذا ينقد منهجيا، من حيث اعتماده على غيره، فى قول اطمأن هو إليه فحق عليه أن يعرضه هو عرضه الخاص، ويحتج له بالمصادر الإسلامية الكافية، لا بقول مقبول ذهب إليه فنسنك. . ولأمر ما تكرر هذا الاحتماء من الكاتب بفنسنك، والانتهاء اليه فى الاحتجاج.
وقد يبدو شئ من التدافع بين صدر عبارته عن تمنى الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]