منذ عهد مبكر يرجع إلى الأحاديث الصحاح وهو أن الشفاعة تكون لمن مات ولم يشرك باللَّه (البخارى: كتاب التوحيد، باب ١٩، الترمذى؛ صفة القيامة، باب ١٣)، ومنهم أهل الكبائر. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى"(أبو داود: كتاب السنة، باب ٢٠؛ الترمذى صفة القيامة، باب ١١). لكن المعتزلة لا يرون هذا الرأى (انظر الكشاف للزمخشرى فى تفسير سورة البقرة، الآية ٤٨، لا شفاعة للعصاة) والرازى فى تفسيره للقرآن (جـ ١، ص ٣٥٠ وما بعدها، جـ ٦، ص ٤٠٤) يرد ردًا مفصلا على رأى المعتزلة فى إنكار الشفاعة مطلقًا لأنه لا يمكن عندهم أن يخرج من النار من دخلها (١) ومستند البعض فى إنكار الشفاعة إلى بعض آيات القرآن الكريم التى تقدم ذكرها.
(٢) Mohammedanische Eschatologie: M. Wolff، ليبسك ١٨٧٢، ص ١٠٠ وما بعدها.
(٣) Mohammedanische Traditionnen uber das jungste Gericht: R. Leszynsky (هيدلبرغ رسالة قدمت سنة ١٩٠٩) ص ٥٠ وما بعدها.
(٤) Muhammedanische Studien: Goldziher، جـ ٢، ص ٣٠٨ وما بعدها.
(١) إنكار المعتزلة للشفاعة يتمشى مع أصل العدل كما تصوروه وهو أن يكون الجزاء يحسب العمل ومع أصل الوعد والوعيد عندهم وهو ضرورة وقوع الثواب والعقاب طبقا للخير الإلهى، لكن هذا يحد من فضل اللَّه ورحمته فيما يتعلق بالتجاوز عن الذنوب التى أخبر بإمكان التجاوز عنها وهى ما عدا الشرك. على أن المعتزلة جوزوا الشفاعة للمستحقين للثواب بمعنى أن تحصل لهم زيادة من المنافع على قدر ما استحقوه: أما أهل السنة فإنهم تمشيا مع القول بمبدأ الفضل الإلهى الذى لا تقيده القيود قالوا بالشفاعة التى يكون تأثيرها إسقاط العذاب عن المستحقين له حتى لا يدخلوا النار، فإن كانوا قد دخلوها فإنه يشفع لهم حتى يخرجوا منها. (المترجم)