في قلبى مكانًا لمحبة ما سوى الله" وقالت عن عبادتها لله والباعث عليها "ما عبدته خوفًا من ناره ولا حبًا لجنته فأكون كالأجير السوء. بل عبدته حبًا له وشوقًا إليه"، وأبياتها عن الحبين، يبحث أولهما عن هواه فحسب، ويبحث ثانيهما عن ذات الله وجلاله، مشهورة يتردد ذكرها:
أحبك حبين، حب الهوى ... وحبًا لأنك أهل لذاكا
فأما الَّذي هو حب الهوى ... فشغلى بذكرك عمن سواكا
وأما الَّذي أنت أهل له ... فكشفك للحجب حتَّى أراكا
فلا الحمد في ذا، ولا ذاك لى ... ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
ويعلق الغزالى على ذلك مرة أخرى بقوله "ولعلها أرادت بحب الهوى حب الله لإحسانه إليها وإنعامه عليها بحظوظ العاجلة، وبحبه لما هو أهل له الحب لجماله وجَلاله الَّذي انكشف لها وهو أعلى الحبين وأقواهما (الإحياء ج ٤، ص ٢٦٧). وكانت رابعة كالصوفية جميعا تنشد الوصل. وقد قالت في بعض أبياتها إن أملها هو الوصل وهو غاية منيتها. وقالت أيضًا إنها انقطعت عن الوجود وانسلخت من نفسها واتصلت بالله وأصبحت كلها له.
ونخلص من هذا إلى أن رابعة تختلف عن متقدمى الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، ذلك أنها كانت صوفية بحق يدفعها حب قوى دفاق. وكانت واعية بأن حَياتها اتصلت بالله، كما كانت من أوائل الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الَّذي
لا تقيده رغبة سوى حب ذات الله وحده. وكانت من أوائلهم أيضًا في الجمع بين الحب والكشف.
[المصادر]
أهم المراجع هي:
(١) العطار: تذكرة الأولياء، طبعة نيكلسون، ج ١، ص ٥٩ وما بعدها.
(٣) تاج الدين الحصنى: سير الصالحات، باريس رقم ٢٠٤٢، ورقة ١٢٦ وما بعدها.