يعرف عادة باسم قوجه معمار سنان أعظم مهندسى العمارة العثمانيين، خرج من قيصرية من أعمال الأناضول، حيث ولد فى التاسع من رجب سنة ٨٩٥ هـ (١٥ أبريل سنة ١٥٨٩ م) من أبوين مسيحيين، وقد لقب أبوه من بعد بعبد المنّان، على أن اسمه الحقيقي غير معروف، وأصله غير التركى (مهتدى) لا شك فيه، ولم يكن قط موضع خلاف بين معاصريه أو بين علماء الترك الأثبات كافة. وقدم سنان وهو بعد حدث إلى السراى فى إستانبول مع زمرة من الشباب المجندين (دو شرمه)، ثم أصبح إنكشاريًا، وأبدى شجاعة فى الحملات التى شنت على بلغراد (١٥٢١) ورودس (١٥٢٢) فرقى إلى رتبة زنبركجى باشى، أى كبير العمال الذين يطلقون الألعاب النارية، وأظهر براعة خاصة فى الحرب الفارسية (١٥٣٤) عندما ابتكر زوارق لعبور بحيرة "وإن" ثبتت صلاحيتها ثباتًا ملحوظًا. وظل سنان يرقى سلم الوظائف حتى عين صوباشى (مأمور قضائى)؛ وكان فى حاشية السلطان سليم الأول عندما تقدم السلطان صوب إقليم الأفلاق، وأقام جسرًا على الدانوب زاد من الإعجاب به، وكان هو الدعامة التى قامت عليها شهرته، ومن يومها اشتغل فى بناء المساجد والقصور فحسب بتكليف من السلطان وأعيان الدولة؛ وقد أكثر القول بأنه بدأ فى بناء مسجد سليميه عقب وفاة سليم الأول مباشرة (يقوم مسجد سليمية على قمة التل الخامس فى إستانبول وتم بناؤه سنة ١٥٢٢) وهذا القول مستحيل وإن بنى على أساس من تسلسل التواريخ. وتوالت منشآت هذا المهندس العظيم فى جميع أرجاء الدولة العثمانية متعاقبة تعاقبًا سريعًا يحير الألباب منذ أواخر العقد الرابع للقرن السادس عشر، وكان تشييد معظمها بتكليف من سليمان القانونى. ولا يتسع المقام إلا لذكر مساجده الكبرى: ففى سنة ١٥٣٩ شيَّد مسجد روكسلانه (خاصكى خرَّم)، وفى سنة ١٥٤٨ شيد مسجد الأمراء، وفيما بين عامى ١٥٥٠/ ١٥٥٦ مسجد