باى تونس (١٧٠٥ - ١٧٣٥ م) ورأس الدولة الحسينية، وهو ابن رجل يونانى أسلم. كان الحسين يلى فى أثناء الغزو الجزائرى الذى حدث سنة ١٧٠٥ - ١٧٠٦ منصب أغا، وقد انتخبه الأغوات بايًا على تونس بعد القبض على الداى إبراهيم، بينما اختبر محمد خوجه دايًا فى ٢٠ ربيع الأول سنة ١١١٧ (١٠ يوليو سنة ١٧٠٥)؛ ورد الحسين الجزائرين ثم تخلص من خوجه محمد فقتله هو وإبراهيم الداى السابق الذى كان قد أطلق سراحه، ورزق بعيد ذلك بولد من سبيَّة من أهل جنوة، فعقد مجلسًا خاصًا لهذا الغرض وحمله على أن يقرر انتقال السلطة من بعده إلى ذريته (عام ١١٧٠ م).
واجتهد الحسين طوال حكمه فى أن يكون على صلة حسنة بالدول الأوروبية، وكان موضع سره رجلًا فرنسيًا يقال له راينو (Raynaud)، فعقد المعاهدات مع فرنسا فى سنتى (١٧١٠) و (١٧٢٨) وانجلترة (١٧١٦) وأسبانيا (١٧٢٠) وهولاندة (١٧٢٨) والنمسا (١٧٢٥)، إلا أنه لم يفلح فى القضاء على القرصنة. وأكرهت هجمات القراصنة الفرنسيين على أن يسيِّروا أسطولا إلى القلعة مرتين (سنة ١٧٢٨ وسنة ١٧٣١).
وانتشر السلام واستتب الأمن فى ربوع البلاد فى أول حكم الحسين وتمتع أهل البلاد بأمن لم يستمتعوا به منذ أمد طويل؛ ويقول محمد الصغير ابن يوسف إن الطرق كانت مأمونة، والأرض مزدهرة، وعمرت البيوت والحدائق ثانية، وشيدت عدة قصور فى البلاد، وهو أمر لم يحدث من قبل قط، وقام الباى نفسه بأعمال عظيمة فجدد أسوار القيروان وحسن قناطر تونس المعلقة وشيد الجسور وأنشأ الخزات ثم بنى المساجد والمدارس فى صفاقس والسوس وتونس (مسجد بردو والمدرسة الحسينية)؛ غير أن تونس عانت منذ سنة ١٧٢٩ اضطرابات شديدة، ذلك أن على باشا أخى الباى كان ساخطًا لطرده من الحكم فهرب من تونس ومعه ابنه يونس وأثار فتنة بين القبائل فى داخل البلاد، إلا أن حسينًا هزمه ففرَّ إلى الجزائر حيث حبسه الداى كُرَبدْى ولكن خليفته إبراهيم أطلق سراحه، وهاجم