السكان: يرجع معظم السكان إلى أصل إيرانى وقد لاحظ "سترابو" أن عادات الأهالى فى كرمان ولغتهم كانت تشبه إلى حد بعيد عادات ولغات الميديين والفرس، ويصف الإدريسى سكان كرمان بسماحة النفس وحسن الطبع وأن تجارهم يمتازون باللطف فى المعاملة والصدق ولين العريكة أكثر من غيرهم، ولما شرع ستاك stack فى الكتابة بعده بعدة قرون استرعى انتباهه هدوء الناس وتمسكهم بالنظام وإن كان "بار فروشى" يندّد بالكرمانيين ويتهمهم بإثارة الفتن.
وكان يسكن كرمان حسب ما يذكره, جغرافيو القرنين الثالث والرابع للهجرة (التاسع والعاشر الميلاديين) - قبائل عدة منهم الكوشيون والبلوشستانيون وغيرهم، وحين يتكلم المسعودى عن "كُرد" الولاية فى الأرجح أنه يقصد البدو سكان الخيام أكثر مما يقصد الكرد المعروفين.
ويقول مسكويه إن أهل قفص وبلوص و"منوجان" انضموا إلى سلمان بن محمد بن إلياس حين حاول الاستيلاء على كرمان وانتزاعها من أيدى البويهيين ولكن قوة بويهية أنزلت به وبمن معه الهزيمة سنة ٦٣٠ هـ وكبدتهم خسائر فادحة ومع ذلك فلم يركن البلوصيون للهدوء طويلًا، بل ولّوا عليهم على بن محمد البارزى وراحوا يعيثون فسادًا فهب لتأديبهم عضد الدولة فارتدوا إلى جبال "بارز" ولكنهم هزموا مرة ثانية سنة ٣٦١ هـ. ويذكر مسكويه أن عضد الدولة نفى (من الجبال) من لم يكونوا فى عداد القتلى وأنزل مكانهم الفلاحين على أن يتقاسموا هم غلّة الأرض أو كما يقول مسكويه "يقاسمون المزارعين والمستورين من أجناد الرعية" ويلاحظ أنه لا يوجد ذكر لكتيبة من القفصيين فى جيش عضد الدولة سنة ٣٦٦ هـ. على أن عمليات عضد الدولة لم تؤد إلى انهيار تام لقوة القفصيين والبلوصيين، إذ نراهم فى مستهل العصر السلجوقى يسيطرون على المنطقة من جيرفت إلى خليج عُمان رغم أنهم يسكنون فى الواقع فى جبال بارز، ولا توجد ثمت إشارة إلى القفصيين فى العصور الوسطى المتأخرة وإن تكررت الإشارة إلى البلوشيين الذين استقروا فى مكران