ويافا. ولما توفى صلاح الدين فى ٢٧ صفر سنة ٥٨٩ (٤ مارس سنة ١١٩٣) تردد فى إبداء ولائه بين الأفضل الذى كان قد ورث ملك دمشق والشام، وبين العادل الذى كان من نصيبه قلعتا الكرك والشوبك وغير ذلك من الأماكن فى أرض الجزيرة، والذى قام بدور الوسيط فى القتال الذى نشب بين أبناء أخيه. فلما اضطر الأفضل سنة ٥٩٢ هـ (١١٩٥ - ١١٩٦ م) إلى النزول عن دمشق وأدركت المنية فى المحرم سنة ٥٩٢ (١١٩٥ - ١١٩٦ م) الابن الثالث لصلاح الدين العزيز الذى ورث ملك مصر، لم يجد الظاهر أمامه إلا التسليم هو وبقية أفراد الأسرة الأيوبية بسيادة العادل. ومع ذلك أيد بلا جدوى المحاولة التى بذلها الأفضل لفتح دمشق ثانية. وفى نهاية سنة ٥٩٧ (١٢٠١ م) حاصر الأخوان هذه المدينة وكانت خليفة بأن تسقط فى يدهما لو لم يختلفا ويعمد الأفضل إلى تسريح الجند الذين كانوا تحت إمرته، ولما هدد العادل حلب فى السنة التالية، اضطر الظاهر إلى الخضوع مرة أخرى والنزول عن بعض أملاكه. وفى شعبان ٥٩٩ (أبريل/ مايو ١٢٠٣) استطاع بالتهديد أن يجبر الأفضل على النزول له عن قلعة نجم دون أن يؤدى له أى تعويض. وتوفى الظاهر فى السابع من جمادى الآخرة سنة ٦١٣ (٣ سبتمبر سنة ١٢١٥) بعد أن دبر أن يخلفه ابنه الملك العزيز محمد البالغ عمره ثلاث سنوات والذى ولدته له زوجته ضائفة ابنة العادل، مقصيًا بذلك ابنا له أكبر من العزيز. وتولى الحكم الأتابك شهاب الدين طغرل وصيا على الأمير الصغير. وكان الظاهر قد تزوج سنة ٥٨٢ هـ (١١٨٦ - ١١٨٧ م) ابنة أخرى للعادل هى الغازية، على أنها توفيت قبله دون أن تعقب وقد أثنى ابن الأثير على سخاء الظاهر مع الشعراء، وامتدح مواهبه السياسية العالية، ولكنه يقول فى الوقت نفسه أنه كان قاسى القلب.
[المصادر]
(١) ابن الأثير: الكامل، طبعة تورنبرغ، جـ ١١، ص ٣٣٠ وما بعدها، ٣٦٦؛ جـ ١٢، ص ٧، ٣٤، ٦٣ وما بعدها، ١٠٢، ١٠٥ - ١٠٧، ١١٠ وما بعدها،