للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التى قامت على الحدود. وفى جمادى الأولى سنة ١٨٩ هـ (مايو سنة ٨٠٥) اكتشفت مؤامرة لخلع الحكم الأول واستخلاف ابن عمه محمد بن القاسم، وصلب ٧٢ قرطيبًا وشّهرا على الجسر الذى يساير الضفة اليمنى لنهر الوادى الكبير. وبعد ذلك بثلاثة عشر عامًا، أى فى سنة ٢٠٢ هـ (٨١٨ م) قامت الفتنة الشعبية المشهورة فى الربض (الضاحية) وأخمدت بوحشية، وصلب ثلاثمائة من أعيانها ونفى سائر سكانها، فهاجر بعضهم إلى فاس، وانضم البعض الآخر إلى قراصنة الشرق، وقادهم تجوالهم إلى الاسكندرية وجزيرة كريت حيث بقوا قرنًا ونصف قرن من الزمان. وحالت الفتن الداخلية بين الحكم الأول وبين شن هجوم فعال على مملكة أشتورياس. وأغار سنة ١٨٠ هـ (٧٩٦ م) على القلاع واخترقها ليستولى على قلهّرة ويبلغ الساحل عند سنتاندر، ولكن برشلونة سقطت فى يد فرنجة شارلمان سنة ١٨٥ هـ (٨٠١ م) واستطاع بذلك لويس الصالح أن ينظم الثغور الإسبانية. وفى السنة نفسها هزمت جنود الحكم الأول فى درب أرغنزون وأثارت كرّات الأشتورياسيين هجومًا جديدًا أدى إلى هزيمتهم فى وادى أرون (وإنا لنجزم أنه هو: أرون بالقرب من مرندة أبره).

وقد اقترن عهد الحكم الأول بالرغم من القسوة الوحشية والفتن المتصلة بفترة من التحضر فى الأندلس كانت ارهاصًا منذ استخلاف ابنه عبد الرحمن الثانى، بظهور عهد غلب فيه النفوذ العباسى القادم من الشرق وزادت سيطرة المسلمين الجدد على الحكم المدنى والقيادة الحربية. وفى أواخر حياة الحكم الأول فقد ما تميزت به شخصيته من صلابة لتدهور صحته، واعتزل فى قصره تحت وصاية جنوده المرتزقة الأجانب. وفى غضون أسبوعين من العهد لابنه عبد الرحمن الثانى أدركت المنية الحكم الأول فى ٢٥ ذى الحجة سنة ٢٠٦ (٢١ مايو سنة ٨٢٢) تاركًا لابنه مملكة موطأة الأكناف خاضعة لسلطان الأمير.

[المصادر]

(١) Hist. Musulm. Espagne: Dozy الطبعة الثانية، جـ ١، ص ٢٨٥ - ٣٠٧.