الخلوص والصفاء والنقاء -وكلها متقاربة- لكان الإسلام عند الإطلاق راجعا إلى أصل المعنى عند التقييد، بإسلام الوجه للَّه، والإسلام لرب العالمين، دون بعد ولا صعوبة. . والمتمرس ببيان تدرج المعانى اللغوية لا يجد صعوبة فى معر هذا الرد للمعانى، بل هو -كما نعرف- يبدؤها من المعنى الحسى المادى الأول متنقلا منه إلى سائر معانيها، حتى يصل إلى المعنى التجريدى الذهنى الصرف، وقد أشرنا إلى ذلك فى التعليق الأول، وأن الكاتب لم يف فى بيان معنى المادة بحق المنهج اللغوى قديما ولا حديثا.
وإذا كان الأقدمون عندنا يردون ما اشترك فى أكثر حروفه، بل ما تقاربت مخارج حروفه إلى معان متقاربة، بعدما ردوا ما اتحدت حروفه واختلف ترتيبها إلى معنى واحد، فهل يقال بعد ذلك بعدم إمكان التوفيق بين معانى الصيغ المختلفة أو الاستعمالات المختلفة، من مادة واحدة الحروف واحدة الترتيب! !
أما أنه لو انتبه الكاتب إلى بعض هذه الاعتبارات اللغوية لما أطلق القول هكذا بعدم إمكان التوفيق بين عبارات واستعمالات لمادة واحدة. . . ولعل هذا مما يؤيد ما أسلفنا من أن بيانه لمعنى المادة قد حرمها الخصوبة المعنوية وردها عجفاء هزيلة؛ وأبعد الاستعمال القرآنى لها عن كريم أهدافه، ورقيق مشاعره نحو السلام الإنسانى.
أمين الخولى
[سلامة بن جندل]
شاعر جاهلى من عشيرة الحارث من بطن سعد الفزر من بنى تميم، وهو معدود من شعراء الجاهلية المجيدين، ولم يبق لنا من شعره إلا قصائد قليلة، ولا شك أن صيته ذاع فى النصف الثانى من القرن السادس الميلادى؛ ذلك أن أبرز ما دُوِّن من سيرته يتناول أخاه أحمر (ويخطئون فى رسم هذا الاسم أحيانا فيكتبونه أحمد)، فقد أسر عمرو ابن كلثوم، شيخ بنى تغلب، أحمر فى الغارة التى شنها فى الجنوب، ولكن أخاه سلامة تشفع له فأطلق عمرو سراحه من غير أن يتقاضى لقاء ذلك فدية (ديوان عمرو، مقدمة القصيدة رقم ٢؛ الأغانى، جـ ٩، ص ١٨٣؛ س ١٨)؛ ولا نستطيع أن نجزم أن هذا خطأ وقعت فيه الرواية العربية؛ على أنه ورد