وكان الكاتب فى غنى عما جهد به من بحث عن وجود التحية بالسلام فى اليهودية أو غيرها وشهادة النقوش. . . إلخ. لأن السلام فى قول المصادر الإسلامية تحية البشرية منذ آدم، وتحية فعلية للعرب فى الجاهلية. .
وأنه لواجب علينا أن نشير إلى ما فى منهج الكاتب مما لا نتورع عن أن نسميه خطأ، إذ يذكر ما يدعيه من استقرار الرأى بين المسلمين فى تاريخ متقدم جدا من أن تحية السلام كانت من شرائع الإسلام دون أن يذكر مرجعا واحدا لذلك أو يستدل بدليل ما، مع أنه يكثر من الشواهد والأدلة لنقد هذا ورده! ! والمنهج الصحيح يقضى عليه ألا يدعى بلا دليل، ولا شاهد، مثل هذه الدعوى العريضة. . . وهؤلاء القوم فى تقدمهم وتجددهم أحق الناس برعاية الأصول المنهجية فى التفكير حين يبحثون عن الحقيقة، ويصححون التاريخ. . ولكن. . ولا نزيد عن لكن. . تورعا وترفعا، لنكون أعف لسانا، وأصدق نية، فى طلب الحق والدفاع عنه، فلا نشير إلى ما فى إهمال مثل نص اللسان، والبخارى من دلالة نفسية وعقلية! !
وينكر الكاتب أن يكون الإسلام مصدر أسلم، ويقرر عدم إمكان التوفيق بين هذا وبين ما تردد فى القرآن من مثل أسلم وجهه للَّه، وأسلم لرب العالمين، وغيرها من العبارات.
ونلحظ أن القول بأن الإسلام مصدر أسلم، أى دخل فى السلم، هو أحد الأوجه فى رد معنى الإسلام الدينى إلى أصله اللغوى قديما، بل إن هذا الدين قد يسمى السلم والسَلْم -بكسر السين وفتحها- كما ورد فى لسان العرب- ولو ذكرت ما أشرت إليه قبل إجمالا من نظرة الإسلام إلى السلام، واعتباره إياه نعيم الآخرة، وسعادة الدنيا، وتدبره للسلام العالمى لقدرت قرب أخذ معنى الإسلام من السلام، ولما وجدت وجها قويا لإنكار كاتب هذه المادة أن يكون الإسلام مصدر "أسلم" أى دخل فى حالة سلام. .
ثم لم تسلم معه بعدم إمكان التوفيق بين الإسلام من السلام، وإسلام الوجه للَّه، والإسلام لرب العالمين؛ لأن السلم والإسلام والسلامة من معنى واحد. وقد قيل إن السلام جمع سلامة -لسان العرب- فإذا ما رددنا المادة إلى