هو الملك الأشرف أبو النصر سيف الدين المحمودى الظاهرى، سلطان مصر والشام من سنة ٨٧٢ حتى ٩٠١ هـ (= ١٤٦٨ - ١٤٩٦ م). تملكه السلطان برسباى بالشراء ثم أعتقه السلطان جقمُق وجعله من خاصكيته ثم صار دوادارا صغيرا فى ديوان الدوادار الكبير فأمير عشرة تحت قيادة إينال، فطبلخاناه أيام السلطان خشقدم فمقدم ألف، فلما كانت سنة ٨٧٢ هـ (= ١٤٦٧ - ١٤٦٨ م) صار رأس نوبة النواب، وهو منصب يعنى رئيس الحرس ولما اعتلى تمربغا عرش السلطنة فى جمادى الأولى ٨٧٢ هـ (= ديسمبر ١٤٦٧ م) وكان صديقه -اختاره أتابكا له، غير أن السلطان تمربغا لم يكن له فى الواقع حول ولا قوة لقلة أعوانه من المماليك، وليس عنده وفرة من المال تساعده على ضم وشراء مماليك جدد إذ كانت الخزينة خاوية، ولما فشلت الحركة التى قام بها الأستادار خير بك (خايربك)؛ قدم الثوار التاج فى شهر رجب من السنة ذاتها (فبراير ١٤٦٨ م) إلى قايتباى فقبله بعد تمنع؛ وحينذاك آثر تمربغا الحياة فى دمياط التى سافر إليها من تلقاء نفسه وليس أسيرا ومضى إليها ومعه نفر من أصحابه. وكان قايتباى على العكس من بقية السلاطين المماليك يعامل السلاطين المماليك المخلوعين وأقارب السالفين منهم طول حكمه معاملة تنطوى على الاحترام والتعظيم لهم، وكثيرا ما كان يدعوهم لمشاركته فى لعب الكرة بالقاهرة ولا يمنعهم من الحج إلى مكة بل ويسمح لهم بزيارة العاصمة حتى فى أوقات غيابه عنها دون خوف.
على أن مشكلة قايتباى السياسية الكبرى كانت تتركز فى علاقاته بالعثمانيين الذين كانت عداواتهم مع المماليك تتجلى فى المناوشات التى كانت تشب بين أتباع الجانبين فى آسيا الصغرى فلقد كان شاه سوار (حاكم البستان) وهو فى حربه ضد مماليك مصر يتلقى المعونة سرا من العثمانيين فى الوقت الذى كان فيه قايتباى يساعد الأمير أحمد أمير قرمان فى حربه ضد