إلى الصليبيين وعرض عليهم مدينة بانياس إذا هم عاونوه. ومن أجل ذلك رفع زنكى الحصار وعاد إلى الموصل. وبعد أن استولى زنكى على عدة معاقل فى شمالى الجزيرة دب النزاع بينه وبين السلطان مسعود الذى أعلن عليه الحرب آخر الأمر. غير أن زنكى استسلم واشترى الصلح (٥٣٨ هـ = ١١٤٣ - ١١٤٤ م). وفى جمادى الآخرة عام ٥٣٩ (ديسمبر عام ١١٤٤) انتزع من أيدى الصليبيين مدينة الرهاء الهامة، ثم هاجم بعد ذلك بعامين قلعة جعبر فى الجزيرة حيث اغتاله بعض المماليك فى ليلة الخامس من ربيع الثانى (سبتمبر ١٣ - ١٤) أو فى الخامس عشر من ربيع الثانى عام ٥٤١ (٢٤ سبتمبر عام ١١٤٦) في قول رواية أخرى. وخلفه على الموصل ولده صفى الدين غازى الأول، وعلى حلب ولد آخر اسمه نور الدين محمود.
ويثنى المؤرخون المشارقة أعظم الثناء على ما تحلى به الأتابك زنكى من مواهب سياسية، على أنهم فطنوا إلى أنه كان رجلا لا وازع له من ضمير. ويعطينا ابن الأثير صورة واضحة حية (جـ ١١، ص ٧٢) عن الرخاء وكيف عاد بفضل عنايته إلى البلاد التى هددها الفرنجة والتى أجدبت بسبب أعمال السلب والاغتصاب وكثرة تعاقب الولاة عليها.
[المصادر]
(١) ابن خلكان: وفيات الأعيان، طبعة فستنفلد، رقم ٢٤٤ (ترجمة ده سلان، جـ ١، ص ٥٣٩ وما بعدها).
(٢) ابن الأثير: الكامل، طبعة تورنبرغ، جـ ١٠، ١١ فى مواضع مختلفة.
(٣) Recueil des Historiens des Croisades, Historiens orientanx جـ ١ - ٣، الفهرس.
(٤) Recueil de textes relatifs a l'histoire des Seldioucides: Houtsma، جـ ٢، ص ١٧٩ - ١٨١، ١٩٥، ٢٠٤ - ٢١٢.