أطرف ما جاء فيه أن عتاد المسلمين وعدتهم لم تكن جيدة، استخدم الفرس عددًا من الأفيال ولكن المسلمين اكتشفوا أسلوبا للتغلب عليها ثم وصلت بعض الإمدادات من سوريا فى اليوم الثانى والثالث من المعركة. أظهر الشاعر أبو مهجن والذى كان مسجونًا شجاعة فائقة فى القتال، أثبت طليحة بن خويلد -أحد الذين ادعوا النبوة أيام الردة ثم تاب بعد أن انتصر عليه خالد بن الوليد- الذى انضم إلى صفوف المسلمين، أنه كان من أشد المخلصين فى الدفاع عن الإسلام. كانت الجيوش تلتحم فى اليومين الأول والثانى أثناء النهار أما الليل فكان مخصصًا لدفن القتلى والشهداء وسقى المحتضرين من الطرفين واخلاء ميدان المعركة من الجرحى.
فر حوالى ثلاثين ألفًا من الفرس كانوا قد قيدوا أنفسهم بالسلاسل لمقاومة المسلمين حتى الموت عندما أيقنوا الهزيمة، ولكنهم غرقوا فى القناة التى تمكن المسلمون من أبحارها، وانتزع المسلمون راية الفرس الملكية المعروفة باسم درافش - ى كافيان Diraesh - i Kviyan.
[أحداث لاحقة]
أرسل سعد بن أبى وقاص قسمًا من قواته لتعقب فلول الهاربين وظل فى القادسية شهرًا آخر. لقى جالينوس أحد قواد الفرس حتفه أثناء محاولته حماية قواته المنسحبة. لم تتعد محاولات إعادة حشد الفلول الهاربة كما كان الحال فى بابل ووقف زحف المسلمين إلا اشتباكات قليلة لم تغير الوضع فى نهاية الأمر.
تقدم سعد إلى المدائن وبعد فتح "بهدسير" إحدى المدن العشر التى كَوَّنَت مجموعة المدائن، تمكن من خوض "دجلة" وعبور الضفة الشرقية للنهر، واحتل المسلمون سائر المدائن التى استسلمت دون قتال من يزد جرد الثالث (ذو الحجة ١٥ هـ/ و ١٦ هـ). وهناك معركة أخرى كانت ذا أهمية على الأرض العراقية عند الجلولاء فى (صفر ١٦ هـ/ ١٧ هـ).