إذ يحل محل "نسك" المرادف له فى النصوص القديمة، يدل بوضوح على معنى أوسع من القناعة (والقناعة هى الاعتدال وقمع شهوات النفس)، بل أوسع من الورع أيضًا، وهو الكف عن المحارم والتحرج منها (والورع من صفات الحنابلة). ويقول المصرى فى ترتيبه للأحوال إن الورع يؤدى إلى الزهد، وقد وضع الغزالى الزهد بعد الفقر وقبل التوكل.
واتسعت فكرة الزهد من عهد الحسن البصرى إلى عهد الدارانى، ثم استقرت فيما بين القرنين الثانى والثالث: فأضحى الترك غير مقتصر على اللباس والمسكن والطعام الشهى بل شمل أيضًا النكاح (الدارانى)، ثم نشأت فكرة محاسبة النفس التى توسع فيها المحاسبى (والملامتية) فأصبح التعويل على زهد النفس بترك الأغراض والشهوات مما يؤدى إلى فكرة التوكل.
وقد ساق ابن الجوزى أمثلة على الزهد استمدها من سير أشهر الصوفية فى لغة ساخرة مرة. وذكر ابن عباد الرندى الشاذلى طائفة من الحالات على نية المتقشف اختارها بعناية. أما فيما يختص بالعلاقة بين شعائر التقشف فى مختلف الديانات والعقائد فانظر L.Essai sur les origines du lexique technique: Massignon , باريس ١٩٢٢، ص ٤٥ - ٨٠.
[المصادر]
(١) المكى: قوت القلوب، جـ ١، ص ٢٤٢ - ٢٧١.
(٢) الخرجوشى: تهذيب، مخطوط، برلين، رقم ٢٨١٩، الورقة ٥٣ (ب).
(٣) القشيرى: الرسالة، ص ٦٧ (Darstellung: Hartmann, تحت هذه الكلمة).
(٤) الهجويرى: كشف المحجوب، ترجمة Nicholson الفهرست تحت هذه الكلمة.
(٥) الغزالى: إحياء علوم الدين، طبعة ١٣٢٢، جـ ٤، ص ١٥٤ - ١٧١ (تلخيص Asin Palacios فى M F.O جـ ٧ [١٩١٤]، ص ٨٢ - ٨٤ و Tscheuscjner: Gazat Ees Lehre von der Askese, ١٩٣٣).