المركزية أصبحت قادرة على تأكيد سلطانها شيئًا فشيئا على المدينة وعلى الريف أيضًا وأدت التنظيمات الإدارية والحكومية وتدخل القنصليات الأوربية وتحسن وسائل المواصلات إلى تقليل شوكة البدو كما أصبحت القدس منذ عام ١٨٦٥ م متصلة بالعالم الخارجى عن طريق البرق (التلغراف) وتم فى ١٨٦٨ م إنشاء أول خط سكة حديد بين القدس ويافا، وأدخلت الوكالات النمساوية والفرنسية وغيرها الخدمة البريدية، وأصبحت القدس ابتداء من سنة ١٨٧٤ م "متصرفية" قائمة بذاتها وتتبع مباشرة استانبول، هذا إلى جانب إدارات خاصة بالمالية والأوقاف والأمن والزراعة والتعليم، ودخل فى الهيئات الاستشارية ممثلون عن المسيحيين واليهود، وانشئ داخل المدينة وخارجها كثير من الكاتدرائيات والكنائس وبعض المساجد والأديرة وقصور البطاركة.
وكانت أول مدرسة لبنات اليهود قامت سنة ١٨٦٤ م وأخرى للعرب وأنشئت المعاهد العلمية والمستشفيات والمصحات ودور الأيتام كما أن سكان المدينة القديمة شرعوا منذ سنة ١٨٦٠ م فى إنشاء أحياء خارج مدينتهم، وآثر المسلمون الإقامة فى الجنوب.
أما اليونان الارثوذكس فكان أكثر تركيزهم فى ضاحية بنت سيمون (باب سمعان)، أما اليهود فأقاموا أكثر من ستين ضاحية معظمها فى القسم الغربى من المدينة وأقيمت مستعمرة لفرسان المعبد الألمانية فى الجنوب الغربى، وأخرى أمريكية فى الشمال وكان أغلب سكانها من السويديين.
[القدس بعد ١٩١٧ م]
لما كان يوم أول يوليو ١٩٢٠ م حلت الادارة المدنية محل الحكومة العسكرية للاحتلال البريطانى.
ولقد استفادت (من نتائج الحرب العالمية الأولى) القدس مركز حكومة الانتداب وكذلك الهيئات التنفيذية للمنظمات اليهودية العالمية والمجلس الوطنى ليهود فلسطين والمجلس الإسلامى الأعلى الذى تأسس سنة ١٩٢١ م ومسئولى الكنائس المسيحية